تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ءَأَنتُمۡ أَشَدُّ خَلۡقًا أَمِ ٱلسَّمَآءُۚ بَنَىٰهَا} (27)

الآية 27 : ثم قوله عز وجل : { أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها } . فجائز أن يكون صلة قوله : { يوم ترجف الراجفة } [ الآية : 6 ] وفي قوله : { أأنتم أشد خلقا } تقرير له أيضا .

ثم قوله عز وجل : { أأنتم أشد خلقا أم السماء } يحتمل أوجها .

أحدها : أن إعادتهم خلقا جديدا وبعثهم أيسر في عقول منكري البعث من خلق السماوات ، وقد أقروا أنه خالق السماوات .

[ الثاني : إذا ]{[23077]} لم يتعذر عليه خلق السماء ، وإن كان خلقهم{[23078]} أشد في عقولهم من خلق ؟ أمثالهم ، فما بالهم ينكرون بعثهم وإعادتهم إلى ما كانوا عليه ، وذلك أهون في عقولهم ؟

[ الثالث : ]{[23079]} أن السماء مع شدة خلقها أشفقت على نفسها ، فأبت قبول ما عرض من الأمانة ، وخافت نقمة الله تعالى ، فما بال هذا الإنسان مع ضعفه يمتنع عن الإجابة إلى ما دعي إليه ، أفلا يشفق على نفسه ، ولا يخاف نقمة الله تعالى ؟ وما خلقت النار والجنة إلا لأجل الإنس ، فيذكرهم بهذا ليخوفهم ، ويرتدعوا عما هم فيه{[23080]} من الطغيان ، ويجيبوا إلى ما دعاهم إليه الرسول .

وجائز أن يكون صلة قوله : { إذا السماء انفطرت } [ الانفطار : 1 ] وقوله{[23081]} : { إذا السماء انشقت } [ الانشقاق : 1 ] فيخبر أن السماء مع شدتها وطواعيتها ، لا تقوم بذلك اليوم ، فكيف يقوم الإنسان لهول ذلك اليوم مع ضعفه ؟ فيرجع هذا أيضا إلى التخويف .


[23077]:في الأصل وم: فإذا.
[23078]:في الأصل وم: خلقه.
[23079]:في الأصل وم: ويحتمل وجها آخر، وهو.
[23080]:في الأصل وم: فيهم.
[23081]:في الأصل وم: و.