إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{ءَأَنتُمۡ أَشَدُّ خَلۡقًا أَمِ ٱلسَّمَآءُۚ بَنَىٰهَا} (27)

وقولُه تعالَى : { أأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً } خطابٌ لأهل مكةَ المنكرين للبعث بناءً على صعوبتِه في زَعْمِهم بطريقِ التوبيخِ والتبكيتِ بعدَ ما بيّنَ كمالُ سهولتِه بالنسبةِ إلى قُدرةِ الله تعالى بقولِه تعالى : { فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ واحدة } [ سورة الصافات ، الآية 19 ] أي أخلقُكُم بعد موتِكم أشدُّ أي أشقُّ وأصعبُ في تقديرِكم { أَمِ السماء } أي أمْ خلقُ السماءِ على عِظَمِها وانطوائِها على تعاجيبِ البدائعِ التي تحارُ العقولُ عن ملاحظةِ أدناهَا كقولِه تعالى : { لَخَلْقُ السماوات والأرض أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ الناس } [ سورة غافر ، الآية 57 ] وقولِه تعالى : { أَوَ لَيْسَ الذي خَلَقَ السماوات والأرض قَادِرٌ على أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ } [ سورة يس ، الآية 81 ] وقولِه تعالى : { بناها } الخ ، بيانٌ وتفصيلٌ لكيفيةِ خلقِها المستفادِ من قولِه : أمِ السماءُ وفي عدمِ ذكرِ الفاعلِ فيه وفيما عُطفَ عليهِ من الأفعالِ من التنبيهِ على تعينِه وتفخيمِ شأنِه عزَّ وجلَّ ما لا يَخْفى .