ثم اعلم أنه تعالى لما ختم هذه القصة رجع إلى مخاطبة منكري البعث ، فقال : { أأنتم أشد خلقا أم السماء } وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : في المقصود من هذا الاستدلال وجهان ( الأول ) : أنه استدلال على منكري البعث فقال : { أأنتم أشد خلقا أم السماء } فنبههم على أمر يعلم بالمشاهدة . وذلك لأن خلقة الإنسان على صغره وضعفه ، إذا أضيف إلى خلق السماء على عظمها وعظم أحوالها يسير ، فبين تعالى أن خلق السماء أعظم ، وإذا كان كذلك فخلقهم على وجه الإعادة أولى أن يكون مقدورا لله تعالى فكيف ينكرون ذلك ؟ ونظيره قوله : { أوليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم } وقوله : { لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس } والمعنى أخلقكم بعد الموت أشد أم خلق السماء أي عندكم ، وفي تقديركم ، فإن كلا الأمرين بالنسبة إلى قدرة الله واحد ( والثاني ) : أن المقصود من هذا الاستدلال بيان كونهم مخلوقين ، وهذا القول ضعيف لوجهين ( أحدهما ) : أن من أنكر كون الإنسان مخلوقا فبأن ينكر[ ه ] في السماء كان أولى ( وثانيهما ) : أن أول السورة كان في بيان مسألة الحشر والنشر ، فحمل هذا الكلام عليه أولى .
المسألة الثانية : قال الكسائي والفراء والزجاج : هذا الكلام تم عند قوله : { أم السماء } .
ثم قوله تعالى : { بناها } ابتداء كلام آخر ، وعند أبي حاتم الوقف على قوله : { بناها } قال : لأنه من صلة السماء ، والتقدير : أم السماء التي بناها ، فحذف التي ، ومثل هذا الحذف جائز ، قال القفال : يقال : الرجل جاءك عاقل ، أي الرجل الذي جاءك عاقل إذا ثبت أن هذا جائز في اللغة فنقول : الدليل على أن قوله : { بناها } صلة لما قبله أنه لو لم يكن صلة لكان صفة ، فقوله : { بناها } صفة
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.