تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَجَآءَ رَبُّكَ وَٱلۡمَلَكُ صَفّٗا صَفّٗا} (22)

21

المفردات :

وجاء ربك : أمره وقضاؤه .

والملك : ملائكة كل السماء .

التفسير :

22- وجاء ربك والملك صفّا صفّا .

جاء عدل ربك ، وجاء جلال ربك ، جاء الملك القهار ، في ذلك اليوم ينادي : لمن الملك اليوم ؟ والجواب : لله الواحد القهار .

جاء ربك وكفى به حكما وعدلا ، وجاءت ملائكة السماء الأولى فأحاطت بالخلائق ، وجاءت ملائكة السماء الثانية فأحاطت بملائكة السماء الأولى ، وهكذا كوّنت الملائكة سبع طبقات أو سبعة صفوف .

وهذه الآية وأمثالها مما يجب الإيمان به من غير تكييف ولا تمثيل ، أي أنه مجيء نؤمن به ونفوّض حقيقة المراد منه إلى الله تعالى .

قال ابن كثير :

قام الخلائق من قبورهم لربهم ، وجاء ربك لفصل القضاء بين خلقه ، والملائكة يجيئون بين يديه صفوفا صفوفا .

كما قال تعالى : هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور . ( البقرة : 210 ) .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَجَآءَ رَبُّكَ وَٱلۡمَلَكُ صَفّٗا صَفّٗا} (22)

صَفّاً صف : صفا بعد صف بحسب رتبهم .

ويأتي المَلِك العلاّم جلّ جلاله ، والملائكةُ يَصْطَفّون صَفّا وراء صف .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَجَآءَ رَبُّكَ وَٱلۡمَلَكُ صَفّٗا صَفّٗا} (22)

قوله تعالى : " وجاء ربك " أي أمره وقضاؤه . قاله الحسن . وهو من باب حذف المضاف . وقيل : أي جاءهم الرب بالآيات العظيمة ، وهو كقوله تعالى : " إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام{[16059]} " [ البقرة : 210 ] ، أي بظلل . وقيل : جعل مجيء الآيات مجيئا له ، تفخيما لشأن تلك الآيات . ومنه قوله تعالى في الحديث : ( يا ابن آدم ، مرضت فلم تعدني ، واستسقيتك فلم تسقني ، واستطعمتك فلم تطعمني ) . وقيل : " وجاء ربك " أي زالت الشبه ذلك اليوم ، وصارت المعارف ضرورية ، كما تزول الشبه والشك عند مجيء الشيء الذي كان يشك فيه . قال أهل الإشارة : ظهرت قدرته واستولت{[16060]} ، واللّه جل ثناؤه لا يوصف بالتحول من مكان إلى مكان ، وأنى له التحول والانتقال ، ولا مكان له ولا أوان ، ولا يجري عليه وقت ولا زمان ؛ لأن في جريان الوقت على الشيء فوت الأوقات ، ومن فاته شيء فهو عاجز .

قوله تعالى : " والملك " أي الملائكة . " صفا صفا " أي صفوفا .


[16059]:آية 210 سورة البقرة.
[16060]:في بعض الأصول: "واستوت".
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَجَآءَ رَبُّكَ وَٱلۡمَلَكُ صَفّٗا صَفّٗا} (22)

ولما دلت التسوية على مجيء أمر عظيم ، فإن العادة في الدنيا أن الطرق لا تعم بالكنس أو الرش أو التسوية إلا لحضور عظيم كالسلطان ، قال متلطفاً بالمخاطب من أواخر سورة البروج إلى هنا بذكر صفة الإحسان على وجه يفتت أكباد أضداده ، { وجاء ربك } أي أمر المحسن إليك بإظهار رفعتك العظمى في ذلك اليوم الأعظم لفصل القضاء بين العباد بشفاعتك { والملك } أي هذا النوع حال كون الملائكة مصطفين { صفاً صفاً * } أي موزعاً اصطفافهم على أصنافهم كل ، صنف صف على حدة ، ويحيط أهل السماء الدنيا بالجن والإنس ، وأهل كل سماء كذلك ، وهم على الضعف ممن أحاطوا به حتى يحيطوا أهل السماء السابعة بالكل وهم على الضعف من جميع من أحاطوا به من الخلائق ، ومعنى مجيئه سبحانه وتعالى بعد أن ننفي عنه أن يشبه مجيء شيء من الخلق لأنه سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله ، فإذا صححنا العقد في ذلك في كل ما كان من المتشابه قلنا في هذا إنه مثل أمره سبحانه وتعالى في ظهور آيات اقتداره وتبيين آثار قدرته وقهره وسلطانه بحال الملك إذا حضر بنفسه فظهر بحضوره من آثار الهيبة والسياسة ما لا يظهر بظهور عساكره كلها خالية عنه ، فمجيئه عبارة عن حكمه وإظهار عظمته وبطشه وكل ما يظهره الملوك إذا جاؤوا إلى مكان ، وهو سبحانه وتعالى شأنه حاضر مع المحكوم بينهم بعلمه وقدرته ، لم يوصف بغيبة أصلاً أزلاً ولا أبداً ، فحضوره في ذلك الحال وبعده كما كان قبل ذلك من غير فرق أصلاً لم يتجدد شيء غير تعليق قدرته على حسب إرادته بالفصل بين الخلق ، ولو غاب في وقت أو أمكنت غيبته بحيث يحتاج إلى المجيء لكان محتاجاً ، ولو كان محتاجاً لكان عاجزاً ، ولو عجز أو أمكن عجزه في حال من الأحوال لم يصلح للالهية - تعالى الله عما يقول الظالمون والجاحدون علوّاً كبيراً ، وفي تكرير " صفاً " تنبيه على صرف المجيء عن حقيقته وإرشاد إلى ما ذكرت من التمثيل .