جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَجَآءَ رَبُّكَ وَٱلۡمَلَكُ صَفّٗا صَفّٗا} (22)

{ وجاء{[5376]}ربك } : لفصل القضاء جيئة تليق بقدسه من غير حركة ونقله { والملك صفا صفا } مصطفين محدقين بالجن والإنس


[5376]:قال شيخ الإسلام ابن تيمية –قدس الله روحه في شرح حديث النزول: قال الشيخ أبو عثمان: ويثبت أصحاب الحديث نزول الرب، كل ليلة إلى السماء الدنيا من غير تشبيه له بنزول المخلوقين، ولا تمثيل ولا تكييف، بل يثبتون ما أثبته رسول الله وينتهون فيه إليه، ويمرون الخبر الصحيح الوارد على ظاهره، ويكلون علمه إلى الله سبحانه وتعالى، وكذلك يثبتون ما أنزل الله في كتابه من ذكر المجيء والإتيان المذكورين في قوله تعالى:{هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام} (البقرة:21)، وقوله عز وجل:{وجاء ربك والملك صفا صفا} ثم ذكر بسنده عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول: قال لي الأمير عبد الله بن طاهر: يا أبا يعقوب هذا الحديث الذي ترويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا" كيف ينزل؟ قال: قلت: أعز الله الأمير، لا يقال لأمر الرب كيف، ينزل بلا كيف، ثم ذكر بسنده مناظرة إسحاق بن إبراهيم مع بعض الجهمية عند الأمير عبد الله بن طاهر، فسأل عن حديث النزول الصحيح هو، قال: نعم، فقال له بعضهم: أتزعم أن الله ينزل كل ليلة؟ قال: نعم، قال: كيف ينزل؟ فقال إسحاق: أثبته فوق؟ فقال: أثبته فوق، فقال: إسحاق: قال الله عز وجل:{ وجاء ربك والملك صفا صفا}، فقال الأمير عبد الله: هذا يوم القيامة، فقال إسحاق: أعز الله الأمير من يجيء يوم القيامة من يمنعه اليوم؟! ثم ذكر ابن تيمية ثلاثة أقوال لمثبتي النزول في خلو العرش إلى أن قال: والقول الثالث:- وهو الصواب وهو المأثور عن سلف الأمة وأئمتها –إنه لا يزال فوق العرش ولا يخلو العرش منه، مع دنوه ونزوله إلى السماء، ولا يكون العرش فوقه وكذلك يوم القيامة، كما جاء به الكتاب والسنة، وليس نزوله كنزول أجسام بني آدم من السطح إلى الأرض، بحيث يبقى السقف فوقهم، بل الله منزه عن ذلك، وسنتكلم عليه إن شاء الله تعالى. وهذه المسألة تحتاج إلى البسط، ثم بسط الكلام في الرد على منكري النزول، وإبطاله شبههم إلى أجزاء كثيرة، وذكر كلام الحافظ ابن مندة في خلو العرش، ثم رده ردا طويلا مشبعا، وأثبت أن العرش لا يخلوا منه، وذكر المذاهب في نزول الرب والكلام فيه إلى أن قال: والقول المشهور عن أهل السنة والحديث: هو الإقرار بما ورد به الكتاب والسنة من أنه يأتي وينزل، وغير ذلك من الأفعال اللازمة، قال أبو عمر الطلمنكي: أجمعوا- يعني أهل السنة والجماعة- على أن الله يأتي يوم القيامة، والملائكة صفا صفا لحساب الأمم، وعرضها كما شاء، وكيف شاء {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر}(البقرة:21)، وقال تعالى: {وجاء ربك والملك صفا صفا} وقال: وأجمعوا على أن الله ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا على ما أتت به الآثار، كيف شاء لا يجدون في ذلك شيئا، انتهى مختصرا، وملتقطا/12.