اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَجَآءَ رَبُّكَ وَٱلۡمَلَكُ صَفّٗا صَفّٗا} (22)

قوله : { وَجَآءَ رَبُّكَ والملك صَفّاً صَفّاً } . أي : جاء أمره وقضاؤه . قاله الحسن ، وهو من باب حذف المضاف .

وقيل : جاءهم الربُّ بالآيات ، كقوله تعالى : { إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ الله فِي ظُلَلٍ مِّنَ الغمام } [ البقرة : 210 ] أي بظلل .

وقيل : جعل مجيء الآيات مجيئاً له ، تفخيماً لشأن تلك الآيات ، كقوله تعالى في الحديث : «يَا ابْنَ آدم مَرضتُ فلمْ تعُدِنِي ، واسْتسْقَيتُكَ فَلمْ تَسقِنِي واسْتطعَمْتُكَ فَلمْ تُطْعمْنِي »{[60169]} .

وقيل : زالت الشبه ، وارتفعت الشكوك ، وصارت المعارف ضرورية ، كما تزول الشبه والشكوك عند مجيء الشيء الذي كان يشك فيه [ وقيل وجاء قهر ربك ، كما تقول جاءتنا بنو أمية ، أي : قهرهم .

قال أهل الإشارة : ظهرت قدرته واستوت ، والله - سبحانه وتعالى - لم يوصف بالتحول من مكان إلى مكان ، وأنَّى له التحول والانتقال ، ولا مكان ولا أوان ، ولا يجري عليه وقت ولا زمان ؛ لأن في جريان الوقت على الشيء فوات الأوقات ، ومن فاته الشيء ، فهو عاجز .

وأما قوله تعالى : { والملك صَفّاً صَفّاً } أي : والملائكة صفاً بعد صفٍّ متحلِّقين بالجن والإنس ]{[60170]} .


[60169]:تقدم.
[60170]:سقط من ب.