تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ لَقَسَمٞ لَّوۡ تَعۡلَمُونَ عَظِيمٌ} (76)

75

76- { وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ } .

والمعنى :

أقسم بمنازل النجوم ، وأماكن دورانها في أفلاكها وبروجها .

{ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ } .

وإن هذا القسم العظيم جليل ، لو عرفتم قدره لآمنتم به ، وانتفعتم به ، وذلك لما في حركة النجوم وسيرها وأبعادها من كمال الحكمة ، وفرط الرحمة ، ومن مقتضيات رحمته تعالى أن يلفت أنظارنا إلى هذا الكون الواسع الرحيب ، وأن يقسم ببعض مخلوقاته ليلفت الأنظار إلى عظمة التدبير ، وقدرة القدير .

يقول الفلكيون :

" إن مجموعة واحدة من المجموعات التي لا تحصى في الفضاء الهائل الذي لا نعرف له حدودا ، مجموعة واحدة هي ( المجرّة ) التي تنتسب إليها أسرتنا الشمسية ، تبلغ ألف مليون نجم ، وإن من هذه النجوم والكواكب التي تزيد على عدة بلايين نجم ، منها ما يمكن رؤيته بالعين المجردة ، ومنها ما لا يُرى إلا بالمجاهر والأجهزة ، هذه كلها تسبح في الفلك الغامض .

ولا يوجد أي احتمال أن يقترب نجم من مجال نجم آخر ، أو أن يصطدم بكوكب آخر ، إلا كما يحتمل تصادم مركب في البحر الأبيض بآخر في المحيط الهادي ، يسيران باتجاه واحد وبسرعة واحدة ، وهو احتمال بعيد جدا ، إن لم يكن مستحيلا " xvi .

وقال جماعة منهم ابن عباس :

النجوم نجوم القرآن ، ومواقعها أوقات نزولها ، فإن القرآن نزل جملة واحدة في ليلة القدر ، من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في سماء الدنيا ، ثم نزل منجما مفرقا في مدة الرسالة المحمدية وهي ثلاثة وعشرون عاما .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ لَقَسَمٞ لَّوۡ تَعۡلَمُونَ عَظِيمٌ} (76)

ولذلك فان هذا القسَم عظيم حقا .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ لَقَسَمٞ لَّوۡ تَعۡلَمُونَ عَظِيمٌ} (76)

ثم عظم هذا المقسم به ، فقال : { وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ } وإنما كان القسم عظيما ، لأن في النجوم وجريانها ، وسقوطها عند مغاربها ، آيات وعبرا لا يمكن حصرها .

   
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ لَقَسَمٞ لَّوۡ تَعۡلَمُونَ عَظِيمٌ} (76)

{ وإنه لقسم لو تعلمون عظيم } هذه جملة اعتراض بين القسم وجوابه وقوله : { لو تعلمون } اعتراض بين الموصوف وصفته فهو اعتراض في اعتراض ، والمقصود بذلك تعظيم المقسم به وهو مواقع النجوم وجواب القسم إنه لقرآن كريم وأعاد الضمير على القرآن لأن المعنى يقتضيه أو لأنه مذكور على قول من قال : إن مواقع النجوم نزول القرآن .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ لَقَسَمٞ لَّوۡ تَعۡلَمُونَ عَظِيمٌ} (76)

فقال موضحاً له بالتأكيد رحمة للعبيد بالإشارة إلى أنهم جروا على غير ما يعلمون من عظمتنا فعدوا غير عالمين : { وإنه } أي هذا القسم على هذا{[62246]} المنهج { لقسم لو تعلمون } أي لو تجدد لكم في وقت علم لعلمتم أنه { عظيم } وإقسامه لنا على ذلك ونحن أقل قدراً وأضعف أمراً إعلاماً بما له من الرحمة التي من عظمها أنه لا يتركنا سدى - كل ذلك ليصلح أنفسنا باتباع أمره والوقوف عند زجره ، قال ابن برجان : ومن إتقانه جل جلاله في خليقته وحكمه في بريته أن جعل لكل واقع من النجوم الفلكية طالعاً يسمى بالإضافة إلى الواقع الرقيب دون تأخر ، وذلك هو المشار إليه بقوله تعالى :

رب المشرقين ورب المغربين فبأي آلاء ربكما تكذبان }[ الرحمن : 18 ] يجمع ذلك الشمس والقمر والنجوم وهي نجوم{[62247]} منازل القمر عددها ثمانية وعشرون منزلة سوى تحجبها الشمس فتمت تسع وعشرون منزلة يشتشرفها القمر ، فربما استتر ليلة وربما استتر ليلتين ، فالقمر ينزل في هذه المنازل كل ليلة منزلة حتى يتمها لتمام{[62248]} الشهر ، وأما الشمس فإنها تقيم في كل منزلة [ منها ]{[62249]} ثلاثة عشر يوما خلا الجهة فإنها تقيم فيها أربعة عشر يوماً ويسمى حلولها في هذه المحال ثم طلوع المنزلة التي تليها لوقوع هذا رقيب لها نوء - انتهى ، وهو يعني أن من تأمل هذه الحكم علم ما في هذا القسم من العظم ، وأشبع القول فيها أبو الحكم ، وبين ما فيها من بدائع النعم ، ثم قال : ويفضل الله{[62250]} بفتح رحمته كما يشاء فينزل من السماء{[62251]} ماء مباركاً يكسر به من برد الزمهرير فيرطبه ويبرد من حر السعير فيعدله ، وقسم السنة على أربعة فصول أتم فيها أمره في الأرض بركاتها وتقدير أقواتها ، قال

{ وبارك فيها وقدر فيها أقواتها{[62252]} في أربعة أيام }[ فصلت : 10 ] ثم قال : وجعل هذه الدنيا على هذا الاعتبار الجنة الصغرى ، ولو أتم القسم على هذا الوجه ثم على الاعتبار تخفيفه الفيح وإنارته الزمهرير والسعير هي جهنم الصغرى .


[62246]:- زيد من ظ.
[62247]:- من ظ، وفي الأصل: لنجوم.
[62248]:- زيد من ظ.
[62249]:- زيد من ظ.
[62250]:- زيد من ظ.
[62251]:- زيد من ظ.
[62252]:- زيد من ظ.