تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱمۡرَأَتَ فِرۡعَوۡنَ إِذۡ قَالَتۡ رَبِّ ٱبۡنِ لِي عِندَكَ بَيۡتٗا فِي ٱلۡجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرۡعَوۡنَ وَعَمَلِهِۦ وَنَجِّنِي مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (11)

10

المفردات :

امرأة فرعون : هي آسية بنت مزاحم .

نجني من فرعون وعمله : خلِّصني منه ، فإني أبرأ إليك منه ومن عمله .

القوم لظالمين : هم الوثنيون أقباط مصر – في ذلك الوقت – وحاشية فرعون .

التفسير :

11-{ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } .

ونموذج آخر حيّ للإيمان والمثل الأعلى الصالح ، امرأة فرعون ، كانت تحت أعظم ملك ، ومعها القصور والجاه ، لكنها لما آمنت بموسى زهدت في كل شيء ، وعذّبها فرعون بأربعة أوتاد ، من يديها ورجليها ، لكنها رفضت كل إغراء ، وطلبت النجاة من فرعون وعمله ، والنجاة من حاشيته وأتباعه ، وأن يكون بيتها عند الله في الجنة ، في معية الله ورحمته ، وفضله ورعايته .

قال بعض العلماء :

ما أحسن هذا الكلام ، فقد اختارت الجار قبل الدار حيث قالت : ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ . فهي تطمع في جوار الله قبل طمعها في القصور ، وفي الآية دليل على إيمانها بالبعث والدار الآخرة .

قال قتادة :

كان فرعون أعتى أهل الأرض وأكفرهم ، فو الله ما ضرّ امرأته كفر زوجها حين أطاعت ربها ، ليعلموا أن الله تعالى حكم عدل ، لا يؤاخذ أحدا إلا بذنبه .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱمۡرَأَتَ فِرۡعَوۡنَ إِذۡ قَالَتۡ رَبِّ ٱبۡنِ لِي عِندَكَ بَيۡتٗا فِي ٱلۡجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرۡعَوۡنَ وَعَمَلِهِۦ وَنَجِّنِي مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (11)

وهناك حالة أخرى عكسَ ما تقدم ، وهي امرأةُ فرعون آسيةُ بنت مزاحم ، كانت زوجةً لرجل من شرار الناس ، وهي مؤمنة مخلصة في إيمانها : { إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابن لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الجنة وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ القوم الظالمين } . وهذا كله يتفق مع قاعدة الإسلام { أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى } [ النجم : 38 ] وقوله تعالى : { لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكتسبت } [ البقرة : 286 ] .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱمۡرَأَتَ فِرۡعَوۡنَ إِذۡ قَالَتۡ رَبِّ ٱبۡنِ لِي عِندَكَ بَيۡتٗا فِي ٱلۡجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرۡعَوۡنَ وَعَمَلِهِۦ وَنَجِّنِي مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (11)

وقوله { رب ابن لي عندك بيتا في الجنة } قيل ان فرعون لما تبين له اسلامها وتدها على الأرض بأربعة أوتاد على يديها ورجليها فقالت وهي تعذب { رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله } أي تعذيبه اياي وهذا بيان أنها لم تمل الى معصيته مع شدة ما قاست من العذاب وكذا فليكن صوالح النساء وأمر لعائشة وحفصة أن يكونا كآسية وكمريم بنت عمران

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱمۡرَأَتَ فِرۡعَوۡنَ إِذۡ قَالَتۡ رَبِّ ٱبۡنِ لِي عِندَكَ بَيۡتٗا فِي ٱلۡجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرۡعَوۡنَ وَعَمَلِهِۦ وَنَجِّنِي مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (11)

قوله تعالى : " وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون " واسمها آسية بنت مزاحم . قال يحيى بن سلام : قوله " ضرب الله مثلا للذين كفروا " مثل ضربه الله يحذر به عائشة وحفصة في المخالفة حين تظاهرتا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ضرب لهما مثلا بامرأة فرعون ومريم ابنة عمران ؛ ترغيبا في التمسك بالطاعة والثبات على الدين . وقيل : هذا حث للمؤمنين على الصبر في الشدة ، أي لا تكونوا في الصبر عند الشدة أضعف من امرأة فرعون حين صبرت على أذى فرعون . وكانت آسية آمنت بموسى . وقيل : هي عمة موسى آمنت به . قال أبو العالية : اطلع فرعون على إيمان امرأته فخرج على الملأ فقال لهم : ما تعلمون من آسية بنت مزاحم ؟ فأثنوا عليها . فقال لهم : إنها تعبد ربا غيري . فقالوا له : أقتلها . فأوتد لها أوتادا وشد يديها ورجليها فقالت : " رب ابن لي عندك بيتا في الجنة " ووافق ذلك حضور فرعون ، فضحكت حين رأت بيتها في الجنة . فقال فرعون : ألا تعجبون من جنونها ! إنا نعذبها وهي تضحك ؛ فقبض روحها . وقال سلمان الفارسي فيما روى عنه عثمان النهدي : كانت تعذب بالشمس ، فإذا أذاها حر الشمس أظلتها الملائكة بأجنحتها . وقيل : سمر يديها ورجليها في الشمس ووضع على ظهرها رحى ؛ فأطلعها الله . حتى رأت مكانها في الجنة . وقيل : لما قالت : " رب ابن لي عندك بيتا في الجنة " أريت بيتها في الجنة يبنى . وقيل : إنه من درة ، عن الحسن . ولما قالت : " ونجني " نجاها الله أكرم نجاة ، فرفعها إلى الجنة ، فهي تأكل وتشرب وتتنعم . " من فرعون وعمله " تعني بالعمل الكفر . وقيل : من عمله من عذابه وظلمه وشماتته . وقال ابن عباس : الجماع . " ونجني من القوم الظالمين " قال الكلبي : أهل مصر . مقاتل : القبط . قال الحسن وابن كيسان : نجاها الله أكرم نجاة ، ورفعها إلى الجنة ، فهي فيها تأكل وتشرب .