تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى ٱلۡإِبِلِ كَيۡفَ خُلِقَتۡ} (17)

مظاهر الكون ، وختام السورة

{ أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت 17 وإلى السماء كيف رفعت 18 وإلى الجبال كيف نصبت 19 وإلى الأرض كيف سطحت 20 فذكّر إنما أنت مذكّر 21 لست عليهم بمصيطر 22 إلا من تولّى وكفر 23 فيعذّبه الله العذاب الأكبر 24 إنّ إلينا إيابهم 25 ثم إن علينا حسابهم 26 }

المفردات :

ينظرون : يتأملون فيدركون .

الإبل : الجمال ، والإبل اسم جمع لا واحد له من لفظه ، يصدق على القليل والكثير .

التفسير :

يستعرض القرآن أدلة القدرة ، ويلفت النظر إلى مشاهد موحية للإنسان ، بأن هذا الجمال في هذا الكون دليل على وجود الخالق سبحانه وتعالى :

17- أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت .

أفلا يتأمّلون في هذا الحيوان العجيب ، طويل القامة ، طويل الرقبة ، إنه ذو قدرة على حمل الأثقال يجلس فيحمل الأحمال الثقيلة ، ثم يقوم بنفسه ، وله صبر على عدم شرب الماء يصل إلى سبعة أو ثمانية أيام ، ويخضع للطفل الصغير .

قال العباس بن مرداس :

ترى الرجل النحيف فتزدريه *** وتحت ثيابه أسد مزير

ويعجبك الطرير فتبتليه *** فيخلف ظنّك الرجل الطرير

فما عظم الرجال لهم بفخر *** ولكن فخرهم كرم وخير

لقد عظم البعير بغير لب *** فلم يستغن بالعظم البعير

وتضربه الوليدة بالهراوى *** فلا غير لديه ولا نكير

ويكتفي الجمل في المرعى بما تيسر له من الشوك والشجر ، وترى الجمل أعجب ما عند العرب ، فهو عدّتهم في السفر والحضر ، حتى سمّي الجمل سفينة الصحراء ، كما أنهم ينتفعون بلحوم الجمال وألبانها وأوبارها .

والعربي يقع نظره على البعير ، ثم ينظر إلى السماء فوقه ، وإلى الأرض تحته ، وإلى الجبال بجواره ، فكانت المراعاة في جمع هذه الأشياء للدلالة على قدرة الله المبدعة التي أبدعت نظام هذا الكون .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى ٱلۡإِبِلِ كَيۡفَ خُلِقَتۡ} (17)

الإبل : جمع لا واحد له من لفظه مفردها : بعير .

وبعد أن بين الله تعالى أحوال الآخرة وما فيها من نعيمٍ للمؤمنين وشقاءٍ للجاحدين يذكّر الناسَ هنا لينظروا في هذا الوجود الظاهر ، ويعتبروا بقدرة القادر وتدبير المدبّر فقال :

{ أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى الإبل كَيْفَ خُلِقَتْ } .

إن هذه المشاهد معروفة لنظر الإنسان حيثما كان : الحيوان والسماء والأرض والجبال . وأيّاً ما كان حظ الإنسان من العلم والحضارة فهذه مشاهد داخلة في عالَمه وإدراكه . ويذكّرنا الله تعالى بأن ننظر ونعتبرَ بهذه القدرة الخارقة والتدبير المحكَم .

فالجمل حيوانٌ عجيب ونفعه كبير جدا ، عليه يسافر الإنسان ويحمل أثقاله . ومن لبنِ الناقة يشرب ، ويأكل من لحومها ، ومن أوبار الإبل وجلودها يلبس ويتّخذ المأوى . فقد كانت الجِمالُ ولا تزال في كثيرٍ من بقاع الأرض موردَ الحياة الأول للإنسان ومن أحسن المواصلات ، حتى سُميت سفنَ الصحراء . وهي قليلة التكاليف وعلى قوّتها وضخامتها يقودُها الصغير فتنقاد . ولهيئتها مزية وفي تكوينها عَجَب . فعينا الجمل ترتفعان فوق رأسه ، وترتدّان إلى الخلف . ولهما طبقتان من الأهداب تقيانهما الرمالَ والقذَى . وكذلك المِنخَران والأُذنان يكتنفها الشعر للغرضِ نفسِه . فإذا ما هبّت العواصف الرملية ، انقفل المِنخران وانثنت الأُذنان نحو الجسم . والإِبلُ أصبرُ الحيوان على الجوع والعطش والكدح ، ومزاياها كثيرة لا يتسع المقام لبسْطِها . وما زال العلماء يجدون في الجمل كلّما بحثوا مصداقاً لِحَضِّ الله تعالى لهم على النظر في خَلْقه المعجز .