قوله عزّ وجلّ : { أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت } قال أهل التفسير لما نعت الله عزّ وجلّ ما في هذه السورة مما في الجنة عجب من ذلك أهل الكفر وكذبوه ، فذكرهم الله صنعه ، فقال : أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإنما بدأ بالإبل لأنها من أنفس أموال العرب ، ولهم فيها منافع كثيرة والمعنى إن الذي صنع لهم هذا في الدنيا هو الذي صنع لأهل الجنة ما صنع ؛ وتكلمت علماء التفسير في وجه تخصيص الإبل بالذكر من بين سائر الحيوانات ، فقال : مقاتل لأن العرب لم يروا بهيمة قط أعظم منها ، ولم يشاهد الفيل إلا النادر منهم ، وقال الكلبي لأنها تنهض بحملها وقد كانت باركة ، وقال قتادة : لما ذكر الله تعالى ارتفاع سرر الجنة وفرشها قالوا كيف نصعدها فأنزل الله تعالى هذه الآية .
وسئل الحسن عن هذه الآية ، وقيل له الفيل أعظم في الأعجوبة فقال : أما الفيل فإن العرب بعيدة العهد به ، ثم هو لا خير فيه لأنه لا يركب على ظهره ، ولا يؤكل لحمه ، ولا يحلب دره ، والإبل أعزّ مال للعرب ، وأنفسه تأكل النوى وألقت وغيره ، وتخرج اللبن ، ومن منافع الإبل أنها مع عظمها تلين للحمل الثقيل ، وتنقاد للقائد الضعيف حتى أن الصبي الصغير يأخذ بزمامها فيذهب بها حيث شاء ، ومنها أنها فضلت على سائر الحيوانات بأشياء ، وذلك أن جميع الحيوانات إنما تقتنى إما للزينة أو للركوب ، أو للحمل ، أو للبن ، أو لأجل اللحم ، ولا توجد جميع هذه الخصال إلا في الإبل ، فإنها زينة ، وتركب فيقطع عليها المفازات البعيدة ، وتحمل الثقيل ، وتحلب الكثير ، ويأكل من لحمها الجم الغفير ، وتصبر على العطش عدة أيام ، ومنها أن يحمل عليها ، وهي باركة ثم تنهض بحملها بخلاف سائر الحيوانات ، ومنها أنها ترعى في كل نبات في البراري مما لا يرعاه غيرها من الحيوانات ، وهي سفن البر يحمل عليها الثقيل ، ويقطع عليها المفاوز البعيدة . وكان شريح يقول : اخرجوا بنا إلى الكناسة حتى ننظر إلى الإبل كيف خلقت .
فإن قلت كيف حسن ذكر الإبل مع السماء والأرض والجبال ، ولا مناسبة بينهما ولم بدأ بذكر الإبل قبل السماء والأرض والجبال ؟
قلت لما كان المراد ذكر الدلائل الدالة على توحيده وقدرته ، وأنه هو الخالق لهذه الأشياء جميعها ، وكانت الإبل من أعظم شيء عند العرب فينظرون إليها ليلاً ونهاراً ، ويصاحبونها ظعناً وأسفاراً ذكرهم عظيم نعمته عليهم فيها ولهذا بدأ بها ولأنها من أعجب الحيوانات عندهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.