تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{إِنِّيٓ ءَامَنتُ بِرَبِّكُمۡ فَٱسۡمَعُونِ} (25)

13

{ إني ءامنت بربكم فاسمعون }

التفسير :

أعلن إيمانه بالله في غير مواربة ولا تردد وجعلها صيحة قوية ليسمعوها فقال : فاسمعون فاسمعوا إيماني وسجلوه علي وقيل : إن أهل القرية قالوا لحبيب النجار ، أولهذا الرجل المؤمن الذي جاء ساعيا : أو أنت على دين هؤلاء الرسل ؟ فأجابهم بالإيجاب وورد أن أهل القرية عذبوه عذابا أليما حتى خرجت أمعاؤه من دبره فاتجه جهة الرسل وأعلن إيمانه بربهم في جهر وإعلان ليسمعوا إيمانه ويشهدوا له عند الله .

والسياق يحتمل هذا وذاك أي أن يكون خطاب لأهل القرية أو للرسل كما يثبت لهذا المؤمن الروح الفدائية في تأييد الرسل والإيمان بالله تعالى والجهر بهذا الإيمان وتقديم الأدلة على صدق الإيمان وعلى بطلان عبادة الأصنام .

قال قتادة : جعلوا يرجمونه بالحجارة ، وهو يقول : ( اللهم أهد قومي فإنهم لا يعلمون ) فلم يزالوا به كذلك حتى فارق الحياة .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{إِنِّيٓ ءَامَنتُ بِرَبِّكُمۡ فَٱسۡمَعُونِ} (25)

" إني آمنت بربكم فاسمعون " قال ابن مسعود : خاطب الرسل بأنه مؤمن بالله ربهم . ومعنى " فاسمعون " أي فأشهدوا ، أي كونوا شهودي بالإيمان . وقال كعب ووهب : إنما قال ذلك لقومه إني آمنت بربكم الذي كفرتم به . وقيل : إنه لما قال لقومه " اتبعوا المرسلين . اتبعوا من لا يسألكم أجرا " رفعوه إلى الملك وقالوا : قد تبعت عدونا ، فطول معهم الكلام ليشغلهم بذلك عن قتل الرسل ، إلى أن قال : " إني آمنت بربكم " فوثبوا عليه فقتلوه . قال ابن مسعود : وطئوه بأرجلهم حتى خرج قُصْبُه{[13205]} من دبره ، وألقي في بئر وهي الرس وهم أصحاب الرس . وفي رواية أنهم قتلوا الرسل الثلاثة . وقال السدي : رموه بالحجارة وهو يقول : اللهم اهد قومي حتى قتلوه . وقال الكلبي : حفروا حفرة وجعلوه فيها ، وردموا فوقه التراب فمات ردما . وقال الحسن : حرقوه حرقا ، وعلقوه من سور المدينة وقبره في سور أنطاكية . حكاه الثعلبي . وقال القشيري : وقال الحسن لما أراد القوم أن يقتلوه رفعه الله إلى السماء ، فهو في الجنة لا يموت إلا بفناء السماء وهلاك الجنة ، فإذا أعاد الله الجنة أدخلها . وقيل : نشروه بالمنشار حتى خرج من بين رجليه ، فوالله ما خرجت روحه إلا إلى الجنة فدخلها ، فذلك قوله : " قيل ادخل الجنة " .


[13205]:القصب: المعي.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِنِّيٓ ءَامَنتُ بِرَبِّكُمۡ فَٱسۡمَعُونِ} (25)

ولما أقام الأدلة ولم يبق لأحد تخلف عنه علة ، صرح بما لوح إليه من إيمانه ، فقال مظهراً لسروره بالتأكيد وقاطعاً لما يظنونه من أنه لا يجترئ على مقاطعتهم كلهم بمخالفتهم في أصل الدين : { إني آمنت } أي أوقعت التصديق الذي لا تصديق في الحقيقة غيره بالرسل مؤمناً لهم من أن أدخل عليهم نوع تشويش من تكذيب أو غيره . ولما أرشدهم بعموم الرحمانية تلويحاً ، صرح لهم بما يلزمهم شكره من خصوص الربوبية فقال : { بربكم } أي بسبب الذي لا إحسان عندكم إلا منه قد نسيتم ما له لديكم من الربوبية والرحمانية والإبداع ، وزاد في مصارحتهم إظهاراً لعدم المبالاة بهم بقوله : { فاسمعون } أي سماعاً إن شئتم أشعتموه ، وإن شئتم كتمتموه - بما دل عليه حذف الياء وإثباتها ، فلا تقولوا بعد ذلك : ما سمعناه ، ولو سمعناه لفعلنا به . فوثبوا إليه وثبة رجل واحد فقتلوه ، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن مثل صاحب يس هذا في هذه الأمة عروة بن مسعود الثقفي حيث بادى قومه الإسلام ، ونادى على عليته بالأذان ، فرموه بالسهام فقتلوه .