صبر : سكت وحبس نفسه عن الانتصار لنفسه .
لمن عزم الأمور : لمن الأمور المعزومة ، أي : المؤكدة ، والمراد : أنها من الأمور المطلوبة شرعا .
43- { ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور } .
تأتي هذه الآية في ختام صفات المؤمنين ، محرضة على الصبر والعفو التسامح ، مبينة أن الصبر والمغفرة من عزم الأمور ، أي من الأمور الأساسية في هذا الدين ، وهذه الآية تتكامل مع ما قبلها ، فالأساس هو صبر المؤمن وعفوه عن إخوانه وتواضعه ، وتفويضه الأمر لله واحتساب ثوابه عند الله ، وقوله : { حسبنا الله ونعم الوكيل } . ( آل عمران : 173 ) .
أو قوله تعالى : { وأفوّض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد } . ( غافر : 44 ) .
ويجوز الدعاء على الظالم بمثل هذه الآيات انتصافا للحق ، وتفويضا للأمر على الله ليأخذ للمظلوم من الظالم ، وعند اعتداء الكافرين على المسلمين أو قيام الظلمة الباغين بالظلم ، فقد شرع الله الانتصاف للمظلومين ، فلا لوم ولا عتاب على من انتصر بعد ظلمه .
{ وَلَمَنْ صَبَرَ } على ما يناله من أذى الخلق { وَغَفَرَ } لهم ، بأن سمح لهم عما يصدر منهم ، { إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ } أي : لمن الأمور التي حث الله عليها وأكدها ، وأخبر أنه لا يلقاها إلا أهل الصبر والحظوظ العظيمة ، ومن الأمور التي لا يوفق لها إلا أولو العزائم والهمم ، وذوو الألباب والبصائر .
فإن ترك الانتصار للنفس بالقول أو الفعل ، من أشق شيء عليها ، والصبر على الأذى ، والصفح عنه ، ومغفرته ، ومقابلته بالإحسان ، أشق وأشق ، ولكنه يسير على من يسره الله عليه ، وجاهد نفسه على الاتصاف به ، واستعان الله على ذلك ، ثم إذا ذاق العبد حلاوته ، ووجد آثاره ، تلقاه برحب الصدر ، وسعة الخلق ، والتلذذ فيه .
قوله : { وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ } اللام ، لام الابتداء . ومن ، شرطية وقيل : اسم موصول . يبين الله في ذلك فضل الصبر على الإساءة والأذية عند الاقتدار على الانتقام . والمعنى : أن من صبر على إساءة المسيء إليه فغفر له جُرمه ولم يأخذ لنفسه منه وهو قادر على الانتصار منه ، مبتغيا بذلك وجه الله وجزيل ثوابه { إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ } يعني ذلك الصبر على الإساءة والعفو عن المسيء لمن عزم الأمور الجيدة أو من عزائم الله التي أمر بها . أو من الأمور التي ندب الله إليها عباده وعزم عليهم العمل بها . {[4116]}
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.