تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ثُمَّ لَمۡ يَرۡتَابُواْ وَجَٰهَدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلصَّـٰدِقُونَ} (15)

14

التفسير :

15- { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ } .

تلك صفات المؤمنين الصادقين ، وهي :

( أ ) الإيمان الصادق ، واليقين الجازم بالله تعالى ربا ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا .

( ب ) عدم الشك والارتياب في صدق الرسول صلى الله عليه وسلم ، وصحة هذا الدين .

( ج ) المشاركة العملية مع المسلمين في جهادهم ، والتضحية بالمال والنفس في سبيل الله .

ونلاحظ أنه قدم المال على النفس ، لأن هؤلاء قدموا راغبين في المال ، أو لأن كثيرا من الناس يكون المال أكثر همهم .

فمن جمع هذه الصفات من الإيمان واليقين والسلوك العملي في الجهاد بالمال والنفس ، فهؤلاء هم الصادقون في إيمانهم وأقوالهم وأفعالهم ، وإنه لوسام عظيم لهؤلاء المؤمنين الصادقين ، وفي الآية تعريض بالأعراب وأنهم لم يصدقوا في إيمانهم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ثُمَّ لَمۡ يَرۡتَابُواْ وَجَٰهَدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلصَّـٰدِقُونَ} (15)

{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ } أي : على الحقيقة { الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأمْوَالِهِمْ وَأنْفُسِهُم في سبيل الله } أي : من جمعوا بين الإيمان والجهاد في سبيله ، فإن من جاهد الكفار ، دل ذلك ، على الإيمان التام في القلب ، لأن من جاهد غيره على الإسلام ، والقيام بشرائعه ، فجهاده لنفسه على ذلك ، من باب أولى وأحرى ؛ ولأن من لم يقو على الجهاد ، فإن ذلك ، دليل على ضعف إيمانه ، وشرط تعالى في الإيمان عدم الريب ، وهو الشك ، لأن الإيمان النافع هو الجزم اليقيني ، بما أمر الله بالإيمان به ، الذي لا يعتريه شك ، بوجه من الوجوه .

وقوله : { أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ } أي : الذين صدقوا إيمانهم بأعمالهم الجميلة ، فإن الصدق ، دعوى كبيرة في كل شيء يدعى يحتاج صاحبه إلى حجة وبرهان ، وأعظم ذلك ، دعوى الإيمان ، الذي هو مدار السعادة ، والفوز الأبدي ، والفلاح السرمدي ، فمن ادعاه ، وقام بواجباته ، ولوازمه ، فهو الصادق المؤمن حقًا ، ومن لم يكن كذلك ، علم أنه ليس بصادق في دعواه ، وليس لدعواه فائدة ، فإن الإيمان في القلب لا يطلع عليه إلا الله تعالى .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ثُمَّ لَمۡ يَرۡتَابُواْ وَجَٰهَدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلصَّـٰدِقُونَ} (15)

ثم بين حقيقة الإيمان ، فقال :{ إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا } لم يشكوا في دينهم ، { وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون } في إيمانهم .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ثُمَّ لَمۡ يَرۡتَابُواْ وَجَٰهَدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلصَّـٰدِقُونَ} (15)

قوله تعالى : " إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا " أي صدقوا ولم يشكوا وحققوا ذلك بالجهاد والأعمال الصالحة . " أولئك هم الصادقون " في إيمانهم ، لا من أسلم خوف القتل ورجاء الكسب . فلما نزلت حلف الأعراب أنهم مؤمنون في السر والعلانية وكذبوا ، فنزلت .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ثُمَّ لَمۡ يَرۡتَابُواْ وَجَٰهَدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلصَّـٰدِقُونَ} (15)

ولما نفى عنهم الإيمان ، وكان ربما غلط شخص في نفسه فظن-{[60957]} أنه مؤمن ، وليس كذلك ، أخبر بالمؤمن على سبيل الحصر ذاكراً أمارته الظاهرة الباطنة ، وهي أمهات الفضائل : العلم والعفة والشجاعة ، فقال{[60958]} جواباً لمن قال : فمن الذي آمن ؟ عادلاً عن جوابه إلى وصف الراسخ ترغيباً في الاتصاف بوصفه وإيذاناً بأن المخبر عن نفسه بآية إيمانه{[60959]} لا يريد إلا أنه راسخ : { إنما المؤمنون } أي العريقون في الإيمان الذي هو حياة القلوب ، قال القشيري : والقلوب لا تحيى إلا بعد ذبح النفوس ، والنفوس لا تموت ولكنها تعيش { الذين آمنوا } أي صدقوا معترفين { بالله } معتقدين جميع ما له من صفات الكمال { ورسوله } شاهدين برسالته ، وهذا هو المعرفة التي هي العلم ، وغايتها الحكمة ، وهذا الإثبات هنا يدل على أن-{[60960]} المنفي فيما قيل الكمال لا المطلق ، وإلا لقال " إنما الذين آمنوا " .

ولما كان هذا عظيماً والثبات عليه أعظم ، وهو عين الحكمة ، أشار إلى عظيم مزية الثبات بقوله : { ثم } أي بعد امتطاء هذه الرتبة العظيمة { لم يرتابوا } أي ينازعوا-{[60961]} الفطرة الأولى في تعمد التسبب إلى الشك ولم يوقعوا الشك في وقت من الأوقات الكائنة بعد الإيمان ، فلا يزال على تطاول الأزمنة وحصول الفتن وصفهم بعدم الريب غضاً جديداً ، ولعله عبر بصيغة الافتعال إشارة إلى العفو عن حديث النفس الذي لا يستطيع الإنسان دفع أصله ويكرهه غاية الكراهة{[60962]} ويجتهد في دفعه ، فإذا أن ؟ المذموم المشي معه والمطاولة منه حتى يستحكم .

ولما ذكر الأمارة الباطنة على وجه جامع لجميع العبادات المالية والبدنية قال{[60963]} : { وجاهدوا } أي أوقعوا الجهاد بكل ما ينبغي أن تجهد النفس فيه تصديقاً لما ادعوه بألسنتهم من الإيمان { بأموالهم } وذلك هو العفة { وأنفسهم } أعم من النية وغيرها ، وذلك هو الشجاعة ، وقدم الأموال لقلتها في ذلك الزمان عند العرب { في سبيل الله } أي طريق الملك الأعظم بقتال الكفار وغيره من سائر العبادات المحتاجة إلى {[60964]}المال والنفس{[60965]} لا الذين يتخلفون ويقولون : شغلتنا أموالنا وأهلونا ، قال القشيري : جعل الله-{[60966]} الإيمان مشروطاً{[60967]} بخصال ذكرها ، وذكر بلفظ " إنما " وهي للتحقيق ، تقتضي الطرد والعكس ، فمن أفرد الإيمان عن شرائطه التي جعلها له فمردود عليه{[60968]} قوله ، والإيمان للعبد الأمان{[60969]} ، فإيمان{[60970]} لا يوجب الأمان لصاحبه فخلافه أولى به{[60971]} .

ولما عرف بهم بذكر أمارتهم على سبيل الحصر ، أنتج ذلك حصراً آخر قطعاً لأطماع المدعين على وجه أثنى عليهم فيه بما تعظم المدحة به عندهم ترغيباً {[60972]}في مثل{[60973]} حالهم فقال : { أولئك } أي العالو الرتبة الذين حصل لهم استواء الأخلاق والعدل في الدين بجميع أمهات الأخلاق { هم } أي خاصة { الصادقون * } قالاً وحالاً وفعالاً ، وأما غيرهم فكاذب .


[60957]:زيد من مد.
[60958]:من مد، وفي الأصل: قال.
[60959]:في مد: إنه.
[60960]:زيد من مد.
[60961]:زيد من مد.
[60962]:من مد، وفي الأصل: الاكراه.
[60963]:في الأصل ومد: فقال.
[60964]:من مد، وفي الأصل: النفس والمال.
[60965]:من مد، وفي الأصل: النفس والمال.
[60966]:زيد من مد.
[60967]:من مد، وفي الأصل: مخلوطا.
[60968]:زيد من مد.
[60969]:زيد من مد.
[60970]:من مد، وفي الأصل: كايمان.
[60971]:من مد، وفي الأصل: لصاحبه.
[60972]:من مد، وفي الأصل: لمثل.
[60973]:من مد، وفي الأصل: لمثل.