تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَلَوۡ نَشَآءُ لَمَسَخۡنَٰهُمۡ عَلَىٰ مَكَانَتِهِمۡ فَمَا ٱسۡتَطَٰعُواْ مُضِيّٗا وَلَا يَرۡجِعُونَ} (67)

63

المفردات :

لمسخناهم : المسخ : تحويل الصورة إلى صورة أخرى قبيحة .

على مكانتهم : في أماكنهم حيث يرتكبون القبائح .

التفسير :

67- { ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم فما استطاعوا مضيا ولا يرجعون } .

ولو نشاء لغيّرنا صُورهم إلى صور قبيحة ، أو حجارة أو قردة أو خنازير أو جعلناهم قعودا على أرجلهم ، مع ما لهم من مكانة ومنزلة في الدنيا ، فإنا قادرون على سلب القوة منهم ، وجعلهم يتحجَّرون في أماكنهم ، فلا يستطيعون مضيّا وتقدُّما للأمام ، ولا يستطيعون رجوعا وتقهقرا للخلف ، فقد سُلبت منهم القدرة على الحركة .

ومقصود هذه الآية ، والآية السابقة عليها التهديد ، وبيان أنهم يستحقون العمى ، أو المسخ ، ولو شاء الله لفعل بهم ذلك ، لكنّه يمهلهم ، علّهم أن يتوبوا أو يتذكروا ، على حد قوله سبحانه : { ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا } . [ فاطر : 45 ]

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَوۡ نَشَآءُ لَمَسَخۡنَٰهُمۡ عَلَىٰ مَكَانَتِهِمۡ فَمَا ٱسۡتَطَٰعُواْ مُضِيّٗا وَلَا يَرۡجِعُونَ} (67)

{ وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ } أي : لأذهبنا حركتهم { فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا } إلى الأمام { وَلَا يَرْجِعُونَ } إلى ورائهم ليبعدوا عن النار . والمعنى : أن هؤلاء الكفار ، حقت عليهم كلمة العذاب ، ولم يكن بُدٌّ من عقابهم .

وفي ذلك الموطن ، ما ثَمَّ إلا النار قد برزت ، وليس لأحد نجاة إلا بالعبور على الصراط ، وهذا لا يستطيعه إلا أهل الإيمان ، الذين يمشون في نورهم ، وأما هؤلاء ، فليس لهم عند اللّه عهد في النجاة من النار ؛ فإن شاء طمس أعينهم وأبقى حركتهم ، فلم يهتدوا إلى الصراط لو استبقوا إليه وبادروه ، وإن شاء أذهب حراكهم فلم يستطيعوا التقدم ولا التأخر . المقصود : أنهم لا يعبرونه ، فلا تحصل لهم النجاة .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَلَوۡ نَشَآءُ لَمَسَخۡنَٰهُمۡ عَلَىٰ مَكَانَتِهِمۡ فَمَا ٱسۡتَطَٰعُواْ مُضِيّٗا وَلَا يَرۡجِعُونَ} (67)

ولما كان هذا كله مع القدرة على الحركة قال : { ولو نشاء } أي أن نمسخهم { لمسخناهم } أي حولناهم إلى الجمادية فأبطلنا منهم الحركة الإرادية . ولما كان المقصود المفاجأة بهذه المصائب بياناً لأنه سبحانه لا كلفة عليه في شيء من ذلك قال : { على مكانتهم } أي المكان الذي كان قبل المسخ كل شخص منه شاغلاً له بجلوس أو قيام أو غيره في ذلك الموضع خاصة قبل أن يتحرك منه ، وهو معنى قراءة شعبة عن عاصم " مكانتهم " ودل على أن المراد التحويل إلى أحوال الجمادية بما سبب عن ذلك من قوله : { فما استطاعوا } أي بأنفسهم بنوع معالجة { مضيّاً } أي حركة إلى جهة من الجهات ؛ ثم عطف على جملة الشرط قوله : { ولا يرجعون * } أي يتجدد لهم بوجه من الوجوه رجوع إلى حالتهم التي كانت قبل المسخ دلالة على أن هذه الأمور حق لا كما يقولون من أنها خيال وسحر ، بل ثباتها لا يمكن أحداً من الخلق رفعه ولا تغيره بنوع تغيير هذا المراد إن شاء الله ، ولو قيل : ولا رجوعاً - كما قال بعضهم إنه المراد ، لم يفد هذا المعنى النفيس .