تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{فَإِنَّكَ لَا تُسۡمِعُ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَلَا تُسۡمِعُ ٱلصُّمَّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا وَلَّوۡاْ مُدۡبِرِينَ} (52)

{ فإنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين( 52 )وما أنت بهاد العمي عن ظلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون( 53 ) }

المفردات :

لا تسمع الموتى : أي سماع تدبر واتعاظ ، لأنهم سدوا عن الحق مشاعرهم .

ولا تسمع الصم : لأنهم قد أصيبوا بالصمم وهو نقل السمع والمفرد أصم .

إذا ولوا مدبرين : إذا أعرضوا عنك مولين قيد عدم السماع بالإعراض فإن الأصم إذا أقبل على السماع وان لم يسمع الكلام استفاد منه بواسطة الحركات على اللسان بعض الأشياء .

التفسير :

{ فإنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين . }

هذه الآية تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم عما يلقاه من عناد المشركين فهم أشبه بالموتى وبالصم والعمى لعدم استعدادهم لسماع أدلة الهداية ، سماع تدبر واتعاظ فإرشاد الميت محال وإرشاد الأصم صعب خصوصا في حالة إعراضه وإدباره وكذلك من مات قلبه وعميت بصيرته فإن من الصعب هدايته وتوجيهه .

والمعنى : أنت مبلغ عن الله عليك البلاغ وليس عليك هداهم فلا تيأس ولا تبتئس إذا أعرض المشركون عن دعوتك مع وضوح الأدلة أمامهم فإنك لا تستطيع أن تسمع الميت سماعا فيه الفهم والاستجابة .

وكذلك هؤلاء الكفار فقد ماتت قلوبهم وأنت لا تسمع الأصم المصاب بالصمم وكذلك لا تستطيع أن تسمع المشركين دعوتك لأنهم أصموا آذانهم وأعرضوا بعقولهم وأفكارهم عن الإسلام ولم يسمعوا لك سماع تفهم وتدبر .

قال تعالى : { إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم } . ( البقرة : 6-7 ) .

/خ53

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَإِنَّكَ لَا تُسۡمِعُ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَلَا تُسۡمِعُ ٱلصُّمَّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا وَلَّوۡاْ مُدۡبِرِينَ} (52)

وهؤلاء لا ينفع فيهم وعظ ولا زجر { فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ } وبالأولى { إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ } فإن الموانع قد توفرت فيهم عن الانقياد والسماع النافع كتوفر هذه الموانع المذكورة عن سماع الصوت الحسي .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{فَإِنَّكَ لَا تُسۡمِعُ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَلَا تُسۡمِعُ ٱلصُّمَّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا وَلَّوۡاْ مُدۡبِرِينَ} (52)

قوله تعالى : " فإنك لا تسمع الموتى " أي وضحت الحجج يا محمد ، لكنهم لإلفهم تقليد الأسلاف في الكفر ماتت عقولهم وعميت بصائرهم ، فلا يتهيأ لك إسماعهم وهدايتهم . وهذا رد على القدرية .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَإِنَّكَ لَا تُسۡمِعُ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَلَا تُسۡمِعُ ٱلصُّمَّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا وَلَّوۡاْ مُدۡبِرِينَ} (52)

ولما كان هذا كله من حالهم في سرعة الحزن والفرح في حالتي الشدة والرخاء وإصرارهم على تجديد الكفر دليلاً على خفة أحلامهم ، وسوء تدبرهم{[53423]} ، فإنهم لا للآيات المرئية يعون ، ولا للمتلوة عليهم يسمعون ، سبب عن ذلك التعريف {[53424]}بأن أمرهم{[53425]} ليس لأحد غيره سبحانه وهو{[53426]} قد جعلهم أموات{[53427]} المعاني ، فقال ممثلاً لهم بثلاثة أصناف من الناس ، وأكده لأنهم ينكرون أن يكون حالهم كذلك والنبي صلى الله عليه وسلم شديد السعي في إسماعهم والجهد في ذلك : { فإنك } أي استدامتهم لكفرهم هذا تارة في الرخاء وتارة في الشدة وقوفاً مع الأثر من غير نظر ما إلى المؤثر وأنت تتلو عليهم آياته ، وتنبههم على بدائع بيناته{[53428]} بسبب أنك { لا تسمع الموتى } أي ليس في قدرتك إسماع الذين لا حياة لهم ، فلا نظر ولا سمع ، أو موتى القلوب ، إسماعاً ينفعهم ، لأنه مما اختص به سبحانه ، وهؤلاء منهم من هم مثل الأموات لأن الله تعالى قد ختم على مشاعرهم{[53429]} { ولا تسمع } أي أنت في قراءة الجماعة غير ابن كثير{[53430]} { الصم } أي الذين لا سمع{[53431]} لهم أصلاً ، وذكر ابن كثير الفعل من سمع ورفع الصم على أنه فاعل ، فكان التقدير : فإن من مات أو مات قلبه ولا يسمع ولا يسمع الصم { الدعاء } إذا دعوتهم ، ثم لما كان الأصم قد يحس بدعائك إذا{[53432]} كان مقبلاً بحاسة بصره قال : { إذا ولوا } وذكر

الفعل ولم يقل : ولت ، إشارة إلى قوة التولي{[53433]} لئلا يظن أنه{[53434]} أطلق على المجانبة مثلاً ، ولذا بنى من فاعله{[53435]} حالاً هي{[53436]} قوله : { مدبرين* } .


[53423]:في ظ: تدبيرهم.
[53424]:في ظ: يأمرهم.
[53425]:في ظ: يأمرهم.
[53426]:سقط من ظ.
[53427]:زيد من ظ وم ومد.
[53428]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: بيانه.
[53429]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: مسامعهم.
[53430]:راجع نثر المرجان 5/312.
[53431]:في ظ: سماع.
[53432]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: أو.
[53433]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: القوى.
[53434]:سقط من م.
[53435]:سقط من ظ.
[53436]:من ظ ومد، وفي الأصل وم: من.