18- { يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق ألا إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد } .
كان الكفار يسألون عن الساعة سؤال مستهزئ مكابر ، يتمنى وقوع القيامة ليعرف من هو المصيب ، الكافرون أم المؤمنون ، وكان كفار مكة يقولون : ليست القيامة تقوم حتى يظهر حال ما نحن عليه ، وما عليه محمد وأصحابه ، وكان المؤمنون يشفقون من قيام الساعة خوفا من الحساب واستصغارا لحسناتهم ، وإعظاما لمواقف القيامة من البعث والحشر والصراط والميزان والحساب ، مع يقينهم بأن القيامة حق لا ريب فيها ، ومع تمكن اليقين في قلوبهم والثقة بفضل الله وعدله .
{ ألا إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد } .
إن الذين ينكرون وقوع القيامة ، ويستبعدون الحياة بعد الموت في ضلال شديد ، لأن الله هو الذي أوجد الإنسان من العدم ، وهو الذي خلق السماوات والأرض .
قال تعالى : { كما بدأنا أول خلق نعيده . . . } ( الأنبياء : 104 ) .
وقال تعالى : { وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه . . . } ( الروم : 28 ) .
وقال تعالى : { أيحسب الإنسان أن يترك سدى * ألم يك نطفة من مني يمنى * ثم كان علقة فخلق فسوّى * فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى * أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى } . ( القيامة : 32-45 ) .
{ يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا } عنادا وتكذيبا ، وتعجيزا لربهم . { وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا } أي : خائفون ، لإيمانهم بها ، وعلمهم بما تشتمل عليه من الجزاء بالأعمال ، وخوفهم ، لمعرفتهم بربهم ، أن لا تكون أعمالهم منجية لهم ولا مسعدة ، ولهذا قال : { وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ } الذي لا مرية فيه ، ولا شك يعتريه { أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ } أي : بعد ما امتروا فيها ، ماروا الرسل وأتباعهم بإثباتها فهم في شقاق بعيد ، أي : معاندة ومخاصمة غير قريبة من الصواب ، بل في غاية البعد عن الحق ، وأيُّ بعد أبعد ممن كذب بالدار التي هي الدار على الحقيقة ، وهي الدار التي خلقت للبقاء الدائم والخلود السرمد ، وهي دار الجزاء التي يظهر الله فيها عدله وفضله وإنما هذه الدار بالنسبة إليها ، كراكب قال في ظل شجرة ثم رحل وتركها ، وهي دار عبور وممر ، لا محل استقرار .
فصدقوا بالدار المضمحلة الفانية ، حيث رأوها وشاهدوها ، وكذبوا بالدار الآخرة ، التي تواترت بالإخبار عنها الكتب الإلهية ، والرسل الكرام وأتباعهم ، الذين هم أكمل الخلق عقولا ، وأغزرهم علما ، وأعظمهم فطنة وفهما .
قوله تعالى : " يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها " يعني على طريق الاستهزاء ، ظنا منهم أنها غير آتية ، أو إيهاما للضعفة أنها لا تكون . " والذين آمنوا مشفقون منها " أي خائفون وجلون لاستقصارهم أنفسهم مع الجهد في الطاعة ، كما قال : " والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون " {[13485]} [ المؤمنون : 60 ] . " ويعلمون أنها الحق " أي التي لا شك فيها . " ألا إن الذين يمارون في الساعة " أي يشكون ويخاصمون في قيام الساعة . " لفي ضلال بعيد " أي عن الحق وطريق الاعتبار ؛ إذ لو تذكروا لعلموا أن الذي أنشأهم من تراب ثم من نطفة إلى أن بلغوا ما بلغوا ، قادر على أن يبعثهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.