تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{أَفَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَانُوٓاْ أَكۡثَرَ مِنۡهُمۡ وَأَشَدَّ قُوَّةٗ وَءَاثَارٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ فَمَآ أَغۡنَىٰ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (82)

تهديد المكذبين

{ أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أكثر منهم وأشد قوة وآثارا في الأرض فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون 82 فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤون 83 فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين 84 فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون85 }

المفردات :

وآثارا في الأرض : ما أبقوه من القصور والحصون والمصانع ونحوها .

التفسير :

82-{ أفلم يسيروا في الأرض فينذروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أكثر منهم وأشد قوة وآثارا في الأرض فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون } .

تلفت الآية أنظار المشركين من أهل مكة إلى التأمل والتفكر في عاقبة المكذبين لرسلهم ، مثل قوم نوح ، ومثل عاد وثمود ، ومثل فرعون وملئه ، حين أهلك الله المكذبين بصنوف الهلاك : كالغرق ، والخسف ، وإرسال الصواعق المهلكة ، وغير ذلك ، وأن هؤلاء الذين أهلكوا كانوا أكثر من أهل مكة مالا وعددا ، ولا تزال قصورهم وأبنيتهم الضخمة وآثارهم تشهد بمدى تفوقهم ، لكن ذلك لم ينفعهم ، ولم يدفع العذاب عنهم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَفَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَانُوٓاْ أَكۡثَرَ مِنۡهُمۡ وَأَشَدَّ قُوَّةٗ وَءَاثَارٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ فَمَآ أَغۡنَىٰ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (82)

يحث تعالى ، المكذبين لرسولهم ، على السير في الأرض ، بأبدانهم ، وقلوبهم : وسؤال العالمين . { فَيَنْظُرُوا } نظر فكر واستدلال ، لا نظر غفلة وإهمال .

{ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ } من الأمم السالفة ، كعاد ، وثمود وغيرهم ، ممن كانوا أعظم منهم قوة وأكثر أموالاً وأشد آثارًا في الأرض من الأبنية الحصينة ، والغراس الأنيقة ، والزروع الكثيرة { فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } حين جاءهم أمر الله ، فلم تغن عنهم قوتهم ، ولا افتدوا بأموالهم ، ولا تحصنوا بحصونهم .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{أَفَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَانُوٓاْ أَكۡثَرَ مِنۡهُمۡ وَأَشَدَّ قُوَّةٗ وَءَاثَارٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ فَمَآ أَغۡنَىٰ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (82)

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{أَفَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَانُوٓاْ أَكۡثَرَ مِنۡهُمۡ وَأَشَدَّ قُوَّةٗ وَءَاثَارٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ فَمَآ أَغۡنَىٰ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (82)

ولما وصل الأمر إلى حد من الوضوح لا يخفى على أحد ، تسبب عنه لفت الخطاب عنهم دلالة على الغضب الموجب للعقاب المقتضي للرهب فقال : { أفلم يسيروا } أي هؤلاء الذين هم أضل من الأنعام { في الأرض } أيّ أرض كانت ، سير اعتبار { فينظروا } نظر ادكار فيما سلكوه من سبلها ونواحيها ، ونبه على زيادة العظمة فيما حثهم على النظر فيه بسوقه مساق الاستفهام تنبيهاً على خروجه عن أمثاله ، ومباينته لأشكاله ، بقوله : { كيف كان عاقبة } أي آخر أمر { الذين } ولما كانوا لا يقدرون على استغراق نظر جميع الأرض وآثار جميع أهلها ، نبه بالجار على ما تيسر فقال تعالى : { من قبلهم } أي مع قرب الزمان والمكان ، ولما كانوا معتمدين في مغالبة الرسول صلى الله عليه وسلم ومجادلته بالباطل في الآيات الظاهرة على كثرتهم وقوتهم وقلة أصحابه مع ضعفهم ، وكان قد تقدم الإنكار عليهم في المجادلة لإدحاض الحق ، وعظم النكير عليهم بعدم النظر عن المسير في الأرض بأعين الاعتبار في الآثار ، من المساكن والديار ، لمن مضى من الأشرار ، وأثبت لهم الأشدية وأنها لم تغن عنهم ، وذكر فرعون وما كان له من المكنة بالمال والرجال ، وأنه أخذه أخذة صارت مثلاً من الأمثال ، وكان قد بقي مما قد يتعلل به في المبالغة الكثرة ، ذكرها مضمومة إلى الشدة تأكيداً لمضمون الخبر في أنه لا أمر لأحد مع أمره ، فقال مستأنفاً جواباً لمن يقول : ما كانت عاقبتهم ؟ فقال : { كانوا أكثر منهم } أي عدداً أضعافاً مضاعفة ولا سيما قوم نوح عليه الصلاة والسلام : { وأشد قوة } في الأبدان كقوم هود عليه الصلاة والسلام الذين قالوا كما يأتي في التي بعدها{ من أشد منا قوة }[ فصلت : 15 ] { وآثاراً في الأرض } بنحت البيوت في الجبال ، وحفر الآبار ، وإنباط المياه ، وبناء المصانع الجليلة - وغير ذلك مما كانوا عليه .

ولما كان التقدير : فنظروا فأهلكهم الله ، سبب عن كثرتهم وشدتهم في قوتهم قوله نافياً صريحاً ، أو يكون استفهاماً إنكارياً { فما } أي أيّ شيء { أغنى عنهم } أو لم يغن عنهم شيئاً من الغنى { ما كانوا } أي دائماً كما في جبلاتهم من دواعيه { يكسبون * } بقوة أبدانهم وعظم عقولهم واحتيالهم وما رتبوا من المصانع لنجاتهم حين جاءهم أمرنا بل كانوا كأمس الذاهب .