فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أَفَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَانُوٓاْ أَكۡثَرَ مِنۡهُمۡ وَأَشَدَّ قُوَّةٗ وَءَاثَارٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ فَمَآ أَغۡنَىٰ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (82)

ثم أرشدهم سبحانه إلى الاعتبار ، والتفكر في آيات الله ، فقال : { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ في الأرض فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عاقبة الذين مِن قَبْلِهِمْ } من الأمم التي عصت الله ، وكذبت رسلها ، فإن الآثار الموجودة في ديارهم تدلّ على ما نزل بهم من العقوبة ، وما صاروا إليه من سوء العاقبة . ثم بيّن سبحانه أن تلك الأمم كانوا فوق هؤلاء في الكثرة والقوّة ، فقال : { كَانُواْ أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً } أي أكثر منهم عدداً ، وأقوى منهم أجساداً ، وأوسع منهم أموالاً ، وأظهر منهم { آثَارا في الأرض } بالعمائر والمصانع والحرث { فَمَا أغنى عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } يجوز أن تكون " ما " الأولى استفهامية ، أي : أيّ شيء أغنى عنهم أو نافية . أي لم يغن عنهم ، و " ما " الثانية يجوز أن تكون موصولة وأن تكون مصدرية .