التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{أَفَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَانُوٓاْ أَكۡثَرَ مِنۡهُمۡ وَأَشَدَّ قُوَّةٗ وَءَاثَارٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ فَمَآ أَغۡنَىٰ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (82)

قوله تعالى : { أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ( 82 ) فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ( 83 ) فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ ( 84 ) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ } .

ذلك توبيخ وتعنيف لهؤلاء المشركين المكذبين الذين كانوا يخاصمون في دين الله بالباطل وكانوا يكذبون بيوم القيامة ، فيقول الله لهم : { أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ }

يعني أفلم يسر هؤلاء المشركون الذين يحادون في آيات الله من مشركي قومك – في البلاد ، فهم أهل سفر وتجارات وتجوال { فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ } أي فيروا ما حل بالجاحدين من سوء العاقبة حيث البلاء والنكال بسبب كفرهم وتكذيبهم ، مع أنهم { كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الْأَرْضِ } كان المشركون الأقدمون أكثر من هؤلاء عددا وتنفيرا وكانوا أعظم منهم بأسا وقوة في الأجساد والأموال وقد أثاروا الأرض وعمروها ؛ إذْ شادوا فيها المصانع والعمائر والبنيان { فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } { مَّا } ، نافية ؛ أي لم يغن عنهم ما اكتسبوه شيئا ولا دفع عنهم من بأس الله وانتقامه مثقال ذرة . وقد تكون { مَّا } استفهامية . فيكون المعنى : ماذا أغنى عنهم ما كسبوه من الأموال والخيرات والعمران والقوة حين نزل بهم الهلاك ؟ !