السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{أَفَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَانُوٓاْ أَكۡثَرَ مِنۡهُمۡ وَأَشَدَّ قُوَّةٗ وَءَاثَارٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ فَمَآ أَغۡنَىٰ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (82)

ولما وصل الأمر إلى حد من الوضوح لا يخفى على أحد تسبب عنه لفت الخطاب عنهم دلالة على الغضب الموجب للعقاب المقتضي للرهب فقال تعالى : { أفلم يسيروا } أي : هؤلاء الذين هم أضل من الأنعام ، لما حصل في صدورهم من الكبر العظيم طلباً للرياسة والتقديم على الغير في المال والجاه { في الأرض } أي أرض كانت سير اعتبار { فينظروا } نظر تفكر فيما سلكوه من سبلها ونواحيها { كيف كان عاقبة } أي : آخر { الذين من قبلهم } أي : مع قرب الزمان والمكان أو بعد ذلك { كانوا أكثر منهم } عَدداً وعُدداً ومالاً وجاهاً { وأشد قوة } في الأبدان كقوم هود عليه السلام وبناء { وآثاراً في الأرض } بنحت البيوت في الجبال وحفر الآبار وبناء المصانع الجليلة وغير ذلك { فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون } بقوة أبدانهم وعظم عقولهم واحتيالهم وما رتبوا من المصانع لنجاتهم حين جاءهم الموت بل كانوا كأمس الذاهب .

تنبيه : ما الأولى نافية أو استفهامية منصوبة بأغنى ، والثانية موصولة أو مصدرية مرفوعة به .