فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَفَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَانُوٓاْ أَكۡثَرَ مِنۡهُمۡ وَأَشَدَّ قُوَّةٗ وَءَاثَارٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ فَمَآ أَغۡنَىٰ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (82)

ثم أرشدهم سبحانه إلى الاعتبار والتفكر في آيات الله فقال : { أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ } أي في أطرافها ونواحيها { فَيَنْظُرُوا } بأبصارهم وبصائرهم { كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ } من الأمم التي عصت الله وكذبت رسلها ، فإن الآثار الموجودة في ديارهم تدل على ما نزل بهم من العقوبة ، وما صاروا إليه من سوء العاقبة ، ثم بين سبحانه أن تلك الأمم كانوا فوق هؤلاء في الكثرة والقوة فقال :

{ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ } عددا { وَأَشَدَّ قُوَّةً } أي أقوى منهم أجسادا وأوسع منهم أموالا { وَ } أظهر منهم { آَثَارًا فِي الْأَرْضِ } بالعمائم والمصانع والحصون والصهاريج والحرث { فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } يجوز أن تكون { ما } الأولى نافية أو استفهامية منصوبة بأغنى ، والثانية موصولة أو مصدرية مرفوعة به ، أي لم يغن عنهم أو أي شيء أغنى عنهم مكسوبهم أو كسبهم .