تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٖ} (35)

30

المفردات :

وما يلقّاها : وما يتخلق بها .

التفسير :

35- { وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم } .

وما يستطيع التخلّق بالأخلاق الكريمة ، والصبر والمصابرة ، واستخدام الحكمة والملاينة ، إلا الذين صبروا وتمتعوا بالصبر والحلم وكظم الغيظ ، وضبط النفس ، والانتصار على الغضب ، واعتبار الدنيا قليلة بالنسبة إلى ثواب الآخرة .

{ وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم } .

وما يؤتاها إلا ذو حظ عظيم من خصال الخير ، وذو حظ عظيم من الثواب ، حيث فوّت الفرصة على خصمه واستطاع أن ينزع فتيل الشرّ ، وأن يقابل الإساءة بالإحسان ، حتى قيل : ( عجبنا لما يشتري العبيد بماله ، لم لا يشتري الأحرار بحسن فعاله ) .

وقال صلى الله عليه وسلم : " ما تواضع أحد لله إلا رفعه ، وما نقص مال عبد من صدقة ، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا ، فاعفوا يعزكم الله " {[650]}


[650]:ما نقص مال من صدقة وما زاد الله عبدا بعفو: رواه مسلم في البر والصلة (2588)، والترمذي في البر والصلة (2029)، وأحمد (7165، 8782)، والدارمي في الزكاة (1676) من حديث أبي هريرة، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٖ} (35)

{ وَمَا يُلَقَّاهَا } أي : وما يوفق لهذه الخصلة الحميدة { إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا } نفوسهم على ما تكره ، وأجبروها على ما يحبه الله ، فإن النفوس مجبولة على مقابلة المسيء بإساءته وعدم العفو عنه ، فكيف بالإحسان ؟ " .

فإذا صبر الإنسان نفسه ، وامتثل أمر ربه ، وعرف جزيل الثواب ، وعلم أن مقابلته للمسيء بجنس عمله ، لا يفيده شيئًا ، ولا يزيد العداوة إلا شدة ، وأن إحسانه إليه ، ليس بواضع قدره ، بل من تواضع للّه رفعه ، هان عليه الأمر ، وفعل ذلك ، متلذذًا مستحليًا له .

{ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } لكونها من خصال خواص الخلق ، التي ينال بها العبد الرفعة في الدنيا والآخرة ، التي هي من أكبر خصال مكارم الأخلاق .