تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ وَزَوَّجۡنَٰهُم بِحُورٍ عِينٖ} (54)

43

المفردات :

حور : جمع حوراء ، من الحور وهو شدة سواد العين مع شدة بياضها .

عين : جمع عيناء ، وهي واسعة العينين .

التفسير :

54 ، 55- { كذلك وزوجناهم بحور عين * يدعون فيها بكل فاكهة آمنين } .

أي : هذا العطاء مع تزويجهم أو قرنهم بالزوجات الحسان الحور البيض ، الواسعات الأعين مع شدة بياض العين وشدة السواد فيها ، يطلبون ما شاءوا من أنواع الفواكه والثمار ، ويجدون في الجنة ما يشتهون ، حال كونهم آمنين من الأوجاع والأسقام ، ومن الموت والتعب والشيطان ، وقد تكرر وصف الجنة في القرآن الكريم ، وذكر ألوان النعيم المتعدد ، مثل قوله تعالى : { إن الأبرار لفي نعيم * على الأرائك ينظرون * تعرف في وجوههم نضرة النعيم * يسقون من رحيق مختوم * ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون } . ( المطففين : 22-26 ) .

وقوله سبحانه : { فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان * فبأي آلاء ربكما تكذبان * كأنهن الياقوت والمرجان } . ( الرحمان : 56-58 ) .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ وَزَوَّجۡنَٰهُم بِحُورٍ عِينٖ} (54)

{ كذلك } كما وصفنا { وزوجناهم بحور } وهن النساء النقيات البياض { عين } واسعة الأعين

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ وَزَوَّجۡنَٰهُم بِحُورٍ عِينٖ} (54)

قوله تعالى : " كذلك " أي الأمر كذلك الذي ذكرناه . فيوقف على " كذلك " . وقيل : أي كما أدخلناهم الجنة وفعلنا بهم ما تقدم ذكره ، كذلك أكرمناهم بأن زوجناهم حورا عينا ، وقد مضى الكلام في العين في " والصافات " {[13760]} . والحور : البيض ، في قول قتادة والعامة ، جمع حوراء . والحوراء : البيضاء التي يرى ساقها من وراء ثيابها ، ويرى الناظر وجهه في كعبها ؛ كالمرآة من دقة الجلد وبضاضة البشرة وصفاء اللون . ودليل ، هذا التأويل أنها في حرف ابن مسعود " بعيس عين " {[13761]} . وذكر أبو بكر الأنباري أخبرنا أحمد بن الحسين قال حدثنا قال حدثنا عمار بن محمد قال : صليت خلف منصور بن المعتمر فقرأ في " حم " الدخان " بعيس عين . لا يذوقون طعم الموت إلا الموتة الأولى " . والعيس : البيض ، ومنه قيل للإبل البيض : عيس ، واحدها بعير أعيس وناقة عيساء . قال امرؤ القيس :

يَرُعْنَ إلى صوتي إذا ما سَمِعْنَهُ *** كما تَرْعَوِي عِيطٌ إلى صوت أَعْيَسَا{[13762]}

فمعنى الحور هنا : الحسان الثاقبات{[13763]} البياض بحسن . وذكر ابن المبارك أخبرنا معمر عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون الأودي عن ابن مسعود قال : إن المرأة من الحور العين ليرى مخ ساقها من وراء اللحم والعظم ، ومن تحت سبعين حلة ، كما يرى الشراب الأحمر في الزجاجة البيضاء . وقال مجاهد : إنما سميت الحور حورا ؛ لأنهن يحار الطرف في حسنهن وبياضهن وصفاء لونهن . وقيل : إنما قيل لهن حور لحور أعينهن . والحور : شدة بياض العين في شدة سوادها . امرأة حوراء بينة الحور . يقال : احْوَرَّت عينه احورَارًا . واحْوَرَّ الشيء ابيض . قال الأصمعي : ما أدري ما الحور في العين ؟ وقال أبو عمرو : الحور أن تسود العين كلها مثل أعين الظباء والبقر . قال : وليس في بني آدم حور ، وإنما قيل للنساء : حور العين ؛ لأنهن يشبهن بالظباء والبقر . وقال العجاج :

بأعينٍ مُحَوَّراتٍ حُورُ{[13764]}

يعني الأعين النقيات البياض الشديدات سواد الحدق . والعين جمع عيناء ، وهي الواسعة العظيمة العينين . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( مهور الحور العين قبضات التمر وفلق الخبز ) . وعن أبي قرصافة{[13765]} سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( إخراج القمامة من المسجد مهور الحور العين ) . وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( كنس المساجد مهور الحور ) ذكره الثعلبي رحمه الله . وقد أفردنا لهذا المعنى بابا مفردا في ( كتاب التذكرة ) والحمد لله .

واختلف أيما أفضل في الجنة ، نساء الآدميات أم الحور ؟ فذكر ابن المبارك قال : وأخبرنا رشدين عن ابن أنعم عن حبان بن أبي جبلة قال : إن نساء الآدميات من دخل منهن الجنة فضلن على الحور العين بما عملن في الدنيا . وروي مرفوعا إن ( الآدميات أفضل من الحور العين سبعين ألف ضعف ) . وقيل : إن الحور العين أفضل ؛ لقوله عليه السلام في دعائه : ( وأبدله زوجا خيرا من زوجه ) . والله أعلم . وقرأ عكرمة ( بحور عين " مضاف . والإضافة والتنوين في " بحور عين " سواء .


[13760]:راجع ج 15 ص 5.
[13761]:العيس (بالكسر): بياض يخالطه شيء من شقرة.
[13762]:العيط (جمع عيطاء). الناقة الفتية التي لم تحمل.
[13763]:الثاقب: المضيء.
[13764]:في الأصول: * بأعين محورات بيض* والتصويب عن أراجيز العجاج. وقبله: * إذ ترمى من خلل الخدور* وبعده: * خزر بألباب إليّ صور*.
[13765]:أبو قرصافة (بكسر أوّله) اسمه جندرة بن خيشنة الكناني.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ وَزَوَّجۡنَٰهُم بِحُورٍ عِينٖ} (54)

ولما كان هذا أمراً يبهر العقل ، فلا يكاد يتصوره ، قال مؤكداً له : { كذلك } أي الأمر كما ذكرنا سواء لا مرية فيه . ولما كان ذلك لا يتم السرور به إلا بالأزواج{[57714]} قال : { وزوجناهم } أي قرناهم كما تقرن الأزواج ، وليس المراد به العقد ؛ لأنه فعل متعد بنفسه وهو لا يكون في الجنة ؛ لأن{[57715]} فائدته الحل ، والجنة ليست بدار كلفة من تحليل أو تحريم ، وذكر مظهر العظمة تنبيهاً على كمال الشرف { بحور } أي على-{[57716]} حسب التوزيع بجواري بيض حسان نقيات الثياب { عين * } أي واسعات{[57717]} الأعين .


[57714]:من م، وفي الأصل و ظ: بالزواج.
[57715]:من ظ و م، وفي الأصل: لأنه فإنه.
[57716]:زيد من م.
[57717]:من م، وفي الأصل و ظ: واسعة.