تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{كَأَن لَّمۡ يَغۡنَوۡاْ فِيهَآۗ أَلَآ إِنَّ ثَمُودَاْ كَفَرُواْ رَبَّهُمۡۗ أَلَا بُعۡدٗا لِّثَمُودَ} (68)

64

المفردات :

كان لم يغنوا فيها : كأن لم يسكنوا فيها ، أو كأن لم يقيموا فيها .

التفسير :

68 { كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْدًا لِّثَمُودَ } .

أي : كأنهم لسرعة هلاكهم ، وعدم بقاء أحد منهم ، لم يقيموا في ديارهم ألبتة .

{ كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا } .

{ يغنوا فيها } . أي : يقيموا فيها ، يقال : غنى فلان بالمكان ، يغنى ؛ إذا أقام به وعاش فيه في نعمة ورغد . والمعنى : كأن هؤلاء القوم الظالمين ، لم يقيموا في ديارهم عمرا طويلا ، وهم في رخاء من عيشهم .

{ فِيهَا أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْدًا لِّثَمُودَ } . تتكرر هنا ألا . وهي حرف تنبيه ؛ لتلفت الأنظار إلى ملخص القصة ومغزاها : أن سبب الهلاك هو الكفر بالله وبنعمة الله .

{ أَلاَ بُعْدًا لِّثَمُودَ } . ألا سحقا وهلاكا لثمود الذين كفروا بربهم ، وبعدا وطردا لهم عن رحمة الله ؛ بسبب جحودهم وكفرهم .

لقد طويت صفحة قوم ظالمين ، وعقب القرآن على القصة بهذه الآية ، وهي تشبه الصدى المردود الذي شّيع به قوم هود من قبل ، قال تعالى : { ألا إن عادا كفروا ربهم ألا بعدا لعاد قوم هود } . ( هود : 60 ) ؛ كأنما يسجل الجبار سبحانه وتعالى في نهاية كل قصة نطق المحكمة الإلهية التي تحكم على المجرمين ، وتضمن حكمها حيثيات الحكم في إيجاز بليغ ، يعقبه صمت رهيب ، لقد كفروا بالله ؛ فاستحقوا عقاب الله ولعنته ، والطرد من رحمته ، وذلك جزاء الظالمين .

وقد ورد في الصحيحين : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على ديار ثمود وهو في طريقه إلى غزوة تبوك ؛ فاستحث راحلته ، وأسرع السير ، وحث قومه على الاعتبار بهم .