تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{فَجَعَلَ مِنۡهُ ٱلزَّوۡجَيۡنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلۡأُنثَىٰٓ} (39)

26

المفردات :

فسوّى : فعدّله وكمّله ونفخ فيه الروح .

الزوجين : النوعين .

التفسير :

38 ، 39- ثم كان علقة فخلق فسوّى* فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى .

ثم تحولت النطفة الملقّحة إلى مراحل معينة يمر بها الجنين ، في بطن أمه ترعاها يد القدرة الإلهية ، من نطفة إلى علقة ، ( قطعة دم تعلق بجدار الرحم ، وتمسك به تماما ليكون قرارا مكينا لها ) ، ثم تتحول إلى مضغة ( قطعة لحم قدر ما يمضغه الإنسان ) ، ثم تتحول إلى عظام ، ثم يكسى العظام لحما ، ثم يصبح خلقا آخر متكاملا ، فيه كل وسائل الحياة .

من الذي خلق هذا الخلق منسق الأعضاء ، مؤلفا جسمه من ملايين الملايين من الخلايا الحية ؟ من الذي قاد هذه الرحلة المديدة للجنين ، وهو خليقة صغيرة ضعيفة لا عقل له ولا مدارك ولا تجارب ؟ ثم في النهاية . . من ذا الذي جعل من الخلية الواحدة الذكر والأنثى ؟

إنها اليد اللطيفة المدبرة التي قادت النطفة المراقة في طريقها الطويل ، حتى انتهت بها إلى ذلك المصير .

فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى .

أي : فجعل منه هذا الإنسان صنفين ونوعين : ذكرا وأنثى ، بقدرته تعالى .

هذا هو أصل الإنسان وتركيبه ، تقوده يد القدرة الإلهية ، من مني يمنى إلى بشر متكامل ، هذا الخالق المدبّر اللطيف الخبير الذي أوجد الإنسان في بداية حياته ، أليس قادرا على أن يعيده مرة أخرى ، وأن يحييه بعد مماته .

وفي هذا المعنى يقول الله تعالى في أوائل سورة المؤمنين :

ولقد الإنسان من سلالة من طين* ثم جعلناه نطفة في قرار مكين* ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فسكونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين* ثم إنكم بعد ذلك لميّتون* ثم إنكم يوم القيامة تبعثون . ( المؤمنون : 12-16 ) .