السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَلَا يَنفَعُكُمۡ نُصۡحِيٓ إِنۡ أَرَدتُّ أَنۡ أَنصَحَ لَكُمۡ إِن كَانَ ٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغۡوِيَكُمۡۚ هُوَ رَبُّكُمۡ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (34)

ولما أجاب نوح عليه السلام عن شأنهم ختم الكلام بخاتمة قاطعة فقال : { ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم } أي : يضلكم وجواب الشرط محذوف دل عليه { ولا ينفعكم نصحي } . وتقدير الكلام : إن كان الله يريد أن يغويكم فإن أردت أن أنصح لكم فلا ينفعكم نصحي ، فهو من باب اعتراض الشرط . على الشرط ونظير ذلك ما لو قال رجل لزوجته : أنت طالق إن دخلت الدار إن كلمت زيداً ، فدخلت ثم كلمت لم تطلق فيشترط في وجوب الحكم وقوع الشرط الثاني قبل وقوع الأوّل . وفي الآية دليل على أنّ الله تعالى قد يريد الكفر من العبد فإنه إذا أراد منه ذلك فإنه يمتنع صدور الإيمان منه { هو ربكم } أي : خالقكم والمتصرف فيكم وفق إرادته { وإليه ترجعون } فيجازيكم على أعمالكم .