السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{فَلَمَّا رَءَا قَمِيصَهُۥ قُدَّ مِن دُبُرٖ قَالَ إِنَّهُۥ مِن كَيۡدِكُنَّۖ إِنَّ كَيۡدَكُنَّ عَظِيمٞ} (28)

فعرف سيدها صحة ذلك بلا شبهة كما قال تعالى : { فلما رأى } ، أي : سيدها { قميصه } ، أي : يوسف عليه السلام { قدّمن دبر قال } لها زوجها قطفير وقد قطع بصدقه وكذبها مؤكداً لأجل إنكارها { إنه } ، أي : هذا القذف له { من كيدكن } معشر النساء ، والكيد طلب الإنسان بما يكره { إن كيدكن عظيم } والعظيم ما ينقص مقدار غيره عنه حساً أو معنى . فإن قيل : كيف وصف كيد النساء بالعظم مع قوله تعالى : { وخلق الإنسان ضعيفاً } [ النساء ، 28 ] وهلا كان مكر الرجال أقوى من مكر النساء ؟ أجيب : بأنّ الإنسان ضعيف بالنسبة لخلق ما هو أعظم منه كخلق السماوات والأرض وبأن كيدهنّ أدق من كيد الرجال وألطف وأخفى ؛ لأنّ الشيطان عليهنّ لنقصهنّ أقدر ومكرهنّ في هذا الباب أعظم من كيد جميع البشر ؛ لأنّ لهنّ من المكر والحيل والكيد في إتمام مرادهن ما لا يقدر عليه الرجال في هذا الباب ؛ ولأنّ كيدهنّ في هذا الباب يورث العار ما لا يورثه كيد الرجال .