السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{۞وَقَالَ نِسۡوَةٞ فِي ٱلۡمَدِينَةِ ٱمۡرَأَتُ ٱلۡعَزِيزِ تُرَٰوِدُ فَتَىٰهَا عَن نَّفۡسِهِۦۖ قَدۡ شَغَفَهَا حُبًّاۖ إِنَّا لَنَرَىٰهَا فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (30)

{ وقال نسوة } ، أي : وقال جماعة من النساء وكنّ خمساً : امرأة الساقي ، وامرأة الخباز ، وامرأة صاحب الدواب ، وامرأة صاحب السجن ، وامرأة الحاجب ، والنسوة اسم مفرد لجمع المرأة وتأنيثه غير حقيقي ، ولذلك لم يلحق فعله تاء التأنيث وقوله : { في المدينة } ، أي : مدينة مصر ظرف ، أي : أشعن الحكاية في مصر أو صفة نسوة ، وقيل : مدينة عين شمس . { امرأت العزيز } وإنما أضفنها إلى زوجها إرادة لإشاعة الخبر ، لأنّ النفس إلى سماع أخبار أولي الأخطار أميل ويردن قطفير والعزيز الملك بلسان العرب ورسم امرأة بالتاء المجرورة ووقف عليها ابن كثير وأبو عمرو والكسائي بالهاء والباقون بالتاء ، وأما الوصل فهو بالتاء للجميع { تراود فتاها } ، أي : عبدها الكنعاني ، يقال : فتاي وفتاتي ، أي : عبدي وجاريتي { عن نفسه } ، أي : تطلب منه الفاحشة وهو يمتنع منها { قد شغفها حباً } ، أي : شق شغاف قلبها وهو حجابه حتى وصل إلى فؤادها ، وحباً نصب على التمييز ، وقيل : جلدة رقيقة يقال لها : لسان القلب قال النابغة :

وقد حال همّ دون ذلك والج *** مكان انشغاف تبتغيه الأصابع

وقرأ نافع وابن كثير وابن ذكوان وعاصم بإظهار دال قد عند الشين ، والباقون بالإدغام { إنا لنراها } ، أي : نعلم أمرها علماً هو كالرؤية { في ضلال } ، أي : خطأ { مبين } ، أي : بين ظاهر حيث تركت ما يجب على أمثالها من العفاف والستر بسبب حبها إياه .