{ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ المنظرين } ورودُ الجوابِ بالجملة الاسمية مع التعرض لشمول ما سأله لآخرين على وجه يُؤذِنُ بكون السائلِ تبعاً لهم في ذلك ، دليلٌ على أنه إخبارٌ بالإنظار المقدر لهم أزلاً ، لا إنشاءٌ لإنظار خاصَ به وقع إجابةً لدعائه ، أي إنك من جملة الذين أُخّرت آجالُهم أزلاً حسبما تقتضيه حكمةُ التكوين ، فالفاءُ ليست لربط نفس الإنظار بالاستنظار بل لربط الإخبارِ المذكور به ، كما في قوله : [ الوافر ]
فإن ترحم فأنت لذاك أهل *** . . . . . . . .
فإنه لا إمكان لجعل الفاءِ فيه لربط ما فيه تعالى من الأهلية القديمةِ للرحمة بوقوع الرحمةِ الحادثة ، بل هي لربط الإخبار بتلك الأهليةِ للرحمة بوقوعها ، وأن استنظاره كان طلباً لتأخير الموتِ إذ به يتحقق كونُه من جملتهم ، لا لتأخير العقوبة كما قيل ، ونظمه في ذلك في سلك من أُخِّرت عقوبتُهم إلى الآخرة في علم الله تعالى ممن سبق من الجن ولحِق من الثقلين لا يلائم مقامَ الاستنظار مع الحياة ، ولأن ذلك التأخيرَ معلومٌ من إضافة اليوم إلى الدين مع إضافته في السؤال إلى البعث كما عرفته ، وفي سورة الأعراف : { قَالَ أَنظِرْنِي إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ إِنَّكَ مِنَ المنظرين } بترك التوقيتِ والنداءِ ، والفاء في الاستنظار والإنظارِ تعويلاً على ما ذكر هاهنا ، وفي سورة ص ، فإن إيراد كلامٍ واحد على أساليبَ متعددةٍ غيرُ عزيزٍ في الكتاب العزيز ، وأما أن كل أسلوب من أساليب النظم الكريمِ لا بد أن يكون له مقامٌ يقتضيه مغايرٌ لمقام غيره ، وأن ما حُكي من اللعين إنما صدر عنه مرة وكذا جوابُه لم يقع إلا دَفعةً ، فمقامُ المجاورة إن اقتضى أحدَ الأساليبِ المذكورة فهو المطابقُ لمقتضى الحال والبالغُ إلى طبقة الإعجاز وما عداه قاصرٌ عن رتبة البلاغة فضلاً عن الارتقاء إلى معالم الإعجازِ ، فقد مر تحقيقه بتوفيق الله تعالى في سورة الأعراف .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.