إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَأَنَّ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ أَعۡتَدۡنَا لَهُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا} (10)

{ وأَنَّ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة } وأحكامِها المشروحة فيه من البعث والحساب والجزاءِ ، وتخصيصُها بالذكر من بين سائر ما كفروا به لكونها مُعظمَ ما أُمروا بالإيمان به ، ولمراعاة التناسبِ بين أعمالهم وجزائِها الذي أنبأ عنه قولُه عز وجل : { أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } وهو عذابُ جهنمَ أي أعتدنا لهم فيما كفروا به وأنكروا وجودَه من الآخرة عذاباً أليماً وهو أبلغُ في الزجر لما أن إتيانَ العذابِ من حيث لا يُحتسب أفظعُ وأفجعُ ، والجملةُ معطوفة على جملة يبشّر بإضمار يُخبر ، أو على قوله تعالى : { أَنَّ لَهُمْ } داخلةٌ معه تحت التبشير المرادِ به مجازاً مطلقُ الإخبار المنتظمِ للإخبار بالخبر السارِّ وبالنبأ الضارّ فيكون ذلك بياناً لهداية القرآنِ بالترغيب والترهيب ، ويجوز كونُ التبشير بمعناه والمرادُ تبشيرُ المؤمنين ببشارتين : تولّيهم وعقابِ أعدائهم .