سورة   الإسراء
 
السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَأَنَّ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ أَعۡتَدۡنَا لَهُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا} (10)

الصفة الثالثة قوله تعالى : { وأنّ الذين لا يؤمنون بالآخرة أعتدنا } أي : أحضرنا وهيأنا { لهم عذاباً أليماً } وهو النار في الآخرة وهو عطف على أنّ لهم أجراً كبيراً ، والمعنى أنه تعالى بشر المؤمنين بنوعين من البشارة بثوابهم وبعقاب أعدائهم ، نظيره قولك بشرت زيداً بأنه سيعطى وبأنّ عدوّه سيمنع . فإن قيل : كيف يليق لفظ البشارة بالعذاب ؟ أجيب : بأنّ هذا مذكور على سبيل التهكم أو أنه من باب إطلاق أحد الضدّين على الآخر كقوله تعالى : { وجزاء سيئة سيئة مثلها } [ الشورى ، 40 ] أو على يبشر بإضمار يخبر . فإن قيل : هذه الآية واردة في شرح أحوال اليهود وهم ما كانوا ينكرون الإيمان بالآخرة ؟ أجيب :بأنّ أكثر اليهود ينكرون الثواب والعقاب الجسمانيين وبأنّ بعضهم قال : { لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة } [ البقرة ، 80 ] فهم بذلك صاروا كالمنكرين للآخرة .