إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{إِنَّ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ يَهۡدِي لِلَّتِي هِيَ أَقۡوَمُ وَيُبَشِّرُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمۡ أَجۡرٗا كَبِيرٗا} (9)

{ إِنَّ هذا القرآن } الذي آتيناكَهُ { يَهْدِي } أي الناسَ كافةً لا فِرقةً مخصوصة منهم كدأب الكتاب الذي آتيناه موسى { للتي } للطريقة التي { هي أَقْوَمُ } أي أقومُ الطرائقِ وأسدُّها أعني ملةَ الإسلامِ والتوحيدِ ، وتركُ ذكرها ليس لقصد التعميم لها وللحالة والخَصلة ونحوِها مما يعبّر به عن المقصد المذكور بل للإيذان بالغِنى عن التصريح بها لغاية ظهورِها لاسيما بعد ذكر الهدايةِ التي هي من روادفها ، والمرادُ بهدايته لها كونُه بحيث يهتدي إليها من يتمسك به لا تحصيلُ الاهتداء بالفعل فإنه مخصوصٌ بالمؤمنين حينئذ { وَيُبَشّرُ المؤمنين } بما في تضاعيفه من الأحكام والشرائع ، وقرئ بالتخفيف { الذين يَعْمَلُونَ الصالحات } التي شرحت فيه { أَنَّ لَهُمْ } أي بأن لهم بمقابلة تلك الأعمالِ { أَجْرًا كَبِيرًا } بحسب الذات وبحسب التضعيف عشرَ مرات فصاعداً .