قوله تعالى : { وأَنَّ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ } : فيه وجهان :
أحدهما : أن يكون عطفاً على " أنَّ " الأولى ، أي : يُبشِّرُ المؤمنين بشيئين : بأجرٍ كبيرٍ ، وبتعذيب أعدائهم ، ولا شكَّ أنَّ ما يصيب عدوَّك سرورٌ لك ، وقال الزمخشري : " ويحتمل أن يكون المراد : ونخبر بأنَّ الَّذينَ " .
قال أبو حيّان : " فلا يكون إذ ذاك داخلاً تحت البشارةِ " . قال شهابُ الدِّين : قول الزمخشريُّ يحتمل أمرين :
أحدهما : أن يكون قوله " ويحتمل أن يكون المراد : ويخبر بأنَّ " من باب الحذف ، أي : حذف " ويُخْبِرُ " وأبقى معموله ، وعلى هذا فيكون " أنَّ الَّذينَ " غير داخلٍ في حيِّز البشارة بلا شكٍّ ، ويحتمل أن يكون قصده : أنه يريد بالبشارة مجرَّد الإخبار ، سواءٌ كان بخيرٍ أم بشرٍّ ، وهل هو فيهما حقيقةٌ أو في أحدهما ، وحينئذ يكون جمعاً بين الحقيقة والمجاز ؛ أو استعمالاً للمشترك في معنييه ؛ وفي المسألتين خلافٌ مشهورٌ ، وعلى هذا : فلا يكون قوله " وأنَّ الَّذينَ لا يؤمِنُونَ " غير داخلٍ في حيِّز البشارةِ ، إلاَّ أنَّ الظاهر من حالِ الزمخشريِّ : أنَّه لا يجيزُ الجمع بين الحقيقةِ والمجازِ ، ولا استعمال المشتركِ في معنييه .
اعلم أن العمل الصَّالحَ ، كما يوجب لفاعله{[20237]} النَّفع الأكمل الأعظم ، كذلك تركه يوجب الضَّرر الأكمل الأعظم ، فإن قيل : كيف يليقُ لفظ البشارة بالعذاب ؟ .
فالجواب{[20238]} : هذا مذكورٌ على سبيل التهكُّم ، أو من باب إطلاق أحد الضِّدَّين على الآخر ؛ كقوله تعالى : { وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا } [ الشورى : 40 ] وتقدَّم الكلام عليه قبل الفصل ، فإن قيل : هذه الآية [ واردة ] في شرح أحوالِ اليهود ، وهم ما كانوا ينكرون الإيمان بالآخرة ، فكيف يليق بهذا الموضع قوله تعالى : { وأَنَّ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } ؟ .
أحدهما : أنَّ أكثر اليهود ينكرُون الثواب والعقاب الجسمانيين{[20239]} .
والثاني : أن بعضهم قال : { لَن تَمَسَّنَا النار إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ } [ آل عمران : 24 ] فهم بهذا القول صاروا كالمنكرينَ للآخرةِ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.