إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسۡتَعِينُواْ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ} (153)

{ يا أيُّهَا الذين آمنوا } وصفَهم بالإيمان إثرَ تعدادِ ما يوجبه ويقتضيه تنشيطاً لهم وحثاً على مراعاة ما يعقُبه من الأمر { استعينوا } في كل ما تأتون وما تذرون { بالصبر } على الأمور الشاقةِ على النفس التي من جملتها معاداةُ الكَفَرة ومقابلتُهم المؤديةُ إلى مقاتلتهم { والصلاة } التي هي أمُّ العبادات ومِعراجُ المؤمنين ومناجاةُ ربِّ العالمين { إِنَّ الله مَعَ الصابرين } تعليل للأمر بالاستعانة بالصبر خاصة لما أنه المحتاجُ إلى التعليل ، وأما الصلاةُ فحيث كانت عند المؤمنين أجلَّ المطالب كما يُنبئ عنه قولُه عليه الصلاة والسلام : « وجُعلت قُرةُ عيني في الصلاة » لم يفتقر الأمرُ بالاستعانة بها إلى التعليل ، ومعنى المعية الولايةُ الدائمةُ المستتبِعة للنُصرة وإجابةِ الدعوة ، ودخول مع على الصابرين لما أنهم المباشِرون للصبر حقيقةً فهم متبوعون من تلك الحيثية .