إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{يَوۡمَ تَكُونُ ٱلسَّمَآءُ كَٱلۡمُهۡلِ} (8)

وقولُه تعالَى : { يَوْمَ تَكُونُ السماء كالمهل } متعلقٌ بقريباً أيْ يمكنُ ولا يتعذرُ في ذلكَ اليومِ أو بمضمرٍ دلَّ عليهِ واقعٍ أو بمضمرٍ مؤخرٍ ، أي يومَ تكونُ السماءُ كالمهلِ الخ يكونُ من الأحوالِ والأهوالِ ما لا يُوصفُ ، أو بدلٌ منْ في يومٍ على تقديرِ تعلقِهِ بواقعٍ . هذا ما قالُوا ولعلَّ الأقربَ أنَّ قولَهُ تعالَى سأل سائلٌ حكايةٌ لسؤالِهِم المعهودِ على طريقةِ قولِهِ تعالَى : { يَسْألُونَكَ عَنِ الساعة } [ سورة الأعراف ، الآية 187 ] وقولِهِ تعالَى : { وَيَقُولُونَ متى هذا الوعد } [ سورة يونس ، الآية 48 ] ونحوهِما إذْ هُو المعهودُ بالوقوعِ على الكافرينَ لا ما دَعَا بهِ النضرُ أو أبُو جهلٍ أو الفهريُّ فالسؤالُ بمعناهُ والباءُ بمَعْنَى عنْ كَما في قولِهِ تعالَى : { فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً } [ سورة الفرقان ، الآية 59 ] وقولُه تعالَى : { لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ } [ سورة المعراج ، الآية 2 ] الخ استئنافٌ مسوقٌ لبيانِ وقوعِ المسؤولِ عنهُ لا محالةَ وقولُهُ تعالَى : { فاصبر صَبْراً جَمِيلاً } [ سورة المعراج ، الآية 5 ] مترتبٌ عليهِ وقولُه تعالَى : { إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً * وَنَرَاهُ قَرِيباً } [ سورة المعارج ، الآية 6 ، 7 ] تعليلٌ للأمرِ بالصبرِ كما ذُكِرَ . وقولُهُ تعالَى : { يَوْمَ تَكُونُ } [ سورة المعارج ، الآية 8 ] الخ متعلقٌ بليسَ له دافعٌ أو بما يدلُّ هو عليهِ أي يقعُ يومَ تكونُ السماءُ كالمهلِ ، وهو ما أُذيبَ على مَهَلٍ من الفلزاتِ وقيلَ دُرْدِيُّ الزيتِ .