إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فَأَنۢبَتۡنَا فِيهَا حَبّٗا} (27)

والفاءُ في قولِه تعالى : { فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَباً } فإنَّ الشقَّ بالمَعْنى المذكور لا ترتبَ بينَهُ وبين الأمطارِ أصلاً ولا بينَهُ وبينَ إنباتِ الحبِّ بلا مُهلةٍ . وإنَّما الترتيبُ بين الأمطارِ وبينَ الشقِّ بالنبات على التراخِي المعهودِ وبين الشقِّ المذكورِ وبينَ إنباتِ الحبِّ بلا مُهلةٍ ، فإنَّ المرادَ بالنبات ما نبتَ من الأرضِ إلى أنْ يتكاملَ النموُّ وينعقدَ الحبُّ فإنَّ انشقاقَ الأرضِ بالنباتِ لا يزالُ يتزايدُ ويتسعُ إلى تلكَ المرتبةِ على أنَّ مساقَ النظمِ الكريمِ لبيانِ النعمِ الفائضةِ من جنابهِ تعالى على وجهٍ بديعٍ خارجٍ عن العاداتِ المعهودةِ كما ينبئُ عنه تأكيدُ الفعلينِ بالمصدرينِ فتوسيطُ فعلِ المنعمِ عليهِ في حصولِ تلك النعمِ مخلٌّ بالمرامِ .