الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{۞لَّا خَيۡرَ فِي كَثِيرٖ مِّن نَّجۡوَىٰهُمۡ إِلَّا مَنۡ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوۡ مَعۡرُوفٍ أَوۡ إِصۡلَٰحِۭ بَيۡنَ ٱلنَّاسِۚ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ ٱبۡتِغَآءَ مَرۡضَاتِ ٱللَّهِ فَسَوۡفَ نُؤۡتِيهِ أَجۡرًا عَظِيمٗا} (114)

الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس يعني قوم طعمة { إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ } أي حثّ عليها { أَوْ مَعْرُوفٍ } يعينه بفرض أسباب { أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ } يعني بين طعمة واليهودي { وَمَن يَفْعَلْ ذلِكَ } القرض بمنح أو هدية { ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ } أي طلب رضاه { فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ } في الآخرة { أَجْراً عَظِيماً } يعني جنة .

وعن ابن سيرين : معنى النجوى في الكلام المفرد به الجماعة ، والانسان سراً كان أو ظاهراً ، ومعنى النجوى في لغة خاصة ومنه نجوت الجلد عن البعير وغيره أي ألقيته عنه .

قال الشاعر :

فقلت أنجوا منها نجا الجلد انه *** سيرضيكما منها سنام وغار به

ويقال : نجوت فلاناً إذا استنكهته .

قال الشاعر :

نجوت مجالداً فوجدت منه *** كريح الكلب مات حديث عهد

ونجوت وتر واستنجيته إذا أخلصه .

قال الشاعر :

فتبازت فتبازخت لها *** كجلسة الأعسر يستنجي الوتر

وأصله كله من النجوة فهو مرتفع من الأرض .

قال الشاعر :

كمن بنجوته كمن بعقوته *** والمستكن كمن يمشي بقرواح

فمعنى { لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ } يعني ما دوّن منهم من الكلام ( إلاّ من أمر بصدقة ) يجوز ان يكون في موضع الخفض والنصب والرفع ، فوجه الخفض على قولك : لاخير في كثير من نجواهم إلاّ فيمن أمر بصدقة .

والنجوى ههنا الرجال المتناجون كما قال : ولاهم نجوى .

وقال قائلون : النجوى لمنة فيه فالمنصوب يعلا أن يجعل النجوى فعلاً ويكون قوله إلاّ استنثاء من غير الجنس فيكون وجه النصب ظاهراً .

قال النابغة :

إلاّ الأواري لأيّا ما أبينها *** والنؤي كالحوض بالمظلومة الجلد

وقد يكون في موضع رفع فمن نصب على المعرفة .

وقال الشاعر :

وبلدة ليس بها أنيس *** إلاّ اليعافير وإلاّ العيس