جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَكُلّٗا ضَرَبۡنَا لَهُ ٱلۡأَمۡثَٰلَۖ وَكُلّٗا تَبَّرۡنَا تَتۡبِيرٗا} (39)

وقوله وكُلاً ضَرَبْنا لَهُ الأَمْثالَ يقول تعالى ذكره : وكل هذه الأمم التي أهلكناها التي سميناها لكم أو لم نسمها ضربنا له الأمثال ، يقول : مثلنا له الأمثال ونبهناها على حججنا عليها ، وأعذرنا إليها بالعبر والمواعظ ، فلم نهلك أمة إلا بعد الإبلاغ إليهم في المعذرة .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قَتادة ، في قوله : وكُلاً ضَرَبْنا لَهُ الأَمْثالَ قال : كلّ قد أعذر الله إليه ، ثم انتقم منه .

وقوله : وكُلاّ تَبّرْنَا تَتْبِيرا يقول تعالى ذكره : وكل هؤلاء الذين ذكرنا لكم أمرهم استأصلناهم ، فدمرناهم بالعذاب إبادة ، وأهلكناهم جميعا .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن الحسن ، في قوله : وكُلاّ تَبّرْنا تَتْبِيرا قال : تبر الله كلاً بعذاب تتبيرا .

حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن يمان ، عن أشعث ، عن جعفر ، عن سعيد بن جُبير وكُلاّ تَبّرْنا تَتْبِيرا قال : تتبير بالنبطية .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، قال : قال ابن جُرَيج ، قوله : وكُلاّ تَبّرْنا تَتْبِيرا قال : بالعذاب .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَكُلّٗا ضَرَبۡنَا لَهُ ٱلۡأَمۡثَٰلَۖ وَكُلّٗا تَبَّرۡنَا تَتۡبِيرٗا} (39)

{ وكلا ضربنا له الأمثال } بينا له القصص العجيبة من قصص الأولين إنذارا وإعذارا فلما أصروا أهلكوا كما قال : { وكلا تبرنا تتبيرا } فتتناه تفتيتا ومنه التبر لفتات الذهب والفضة ، { وكلا } الأول منصوب بما دل عليه { ضربنا } كأنذرنا والثاني ب { تبرنا } لأنه فارغ .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَكُلّٗا ضَرَبۡنَا لَهُ ٱلۡأَمۡثَٰلَۖ وَكُلّٗا تَبَّرۡنَا تَتۡبِيرٗا} (39)

التنوين في { كُلاًّ } تنوين عوض عن المضاف إليه . والتقدير : وكلَّهم ضربنا له الأمثال وانتصب { كُلاّ } الأول بإضمار فعل يدل عليه { ضربنا له } تقديره : خاطبنا أو حذَّرنا كُلاًّ وضربنا له الأمثال ، وانتصب { كُلاًّ } الثاني بإضمار فعل يدل عليه { تبرنا } وكلاهما من قبيل الاشتغال .

والتتبير : التفتيت للأجسام الصلبة كالزجَاج والحديد . أطلق التتبير على الإهلاك على طريقة الاستعارة تبعيةً في { تبرنا } وأصلية في { تتبيراً } ، وتقدم في قوله تعالى : { إن هؤلاء متبّر ما هم فيه } في سورة الأعراف ( 139 ) ، وقوله : { وليُتَبِّروا ما علَوْا تتبيراً } في سورة الإسراء ( 7 ) . وانتصب { تتبيراً } على أنه مفعول مطلق مؤكد لعامله لإفادة شدة هذا الإهلاك .

ومعنى ضرب الأمثال : قولها وتبيينها وتقدم عند قوله تعالى : { إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً ما } في سورة البقرة ( 26 ) .

والمَثَل : النظير والمشابه ، أي بيّنا لهم الأشباه والنظائر في الخير والشر ليعرضوا حال أنفسهم عليها . قال تعالى : { وسَكَنْتُم في مَساكِن الذين ظَلَموا أنفسهم وتبيّن لكم كيف فعَلْنا بهم وضربنا لكم الأمثال } [ إبراهيم : 45 ] .