جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُم بِٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ سِرّٗا وَعَلَانِيَةٗ فَلَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ وَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (274)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ الّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللّيْلِ وَالنّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }

حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا معتمر ، عن أيمن بن نابل ، قال : حدثني شيخ من غافق : أن أبا الدرداء كان ينظر إلى الخيل مربوطة بين البراذين والهجن ، فيقول : أهل هذه يعني الخيل من الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرّا وعلانية ، فلهم أجرهم عند ربهم ، ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون .

وقال آخرون : عنى بذلك قوما أنفقوا في سبيل الله في غير إسراف ولا تقتير . ذكر من قال ذلك :

حدثني بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : { الّذِينَ يُنْفِقُونَ أمْوَالَهُمْ } إلى قوله : { وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } هؤلاء أهل الجنة¹ ذكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : «المُكْثِرُونَ هم الأسْفَلُونَ » . قالوا : يا نبيّ الله إلاّ مَنْ ؟ قال : «المُكْثِرُونَ هُمْ الأسْفَلُونَ » ، قالوا : يا نبيّ الله إلا مَن ؟ حتى خشوا أن تكون قد مضت فليس لها ردّ ، حتى قال : «إِلاّ مَنْ قَالَ بالمَالِ هَكَذَا وَهَكَذَا » عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمالِهِ ، «وَهَكَذَا » بين يَدَيْهِ «وَهَكَذَا » خَلْفَهُ ، «وَقَلِيلٌ مَا هُمْ ، هَولاءِ قَوْمٌ أنْفَقُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ الّتِي افْتَرَضَ وَارْتَضَى فِي غَيْرِ سَرَفٍ وَلا إِمْلاقٍ وَلا تَبْذِيرٍ وَلاَ فَسَادٍ » .

وقد قيل : إن هذه الاَيات من قوله : { إِنْ تُبْدُوا الصّدَقَاتِ فَنِعِمّا هِيَ } إلى قوله : { وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } كان مما يعمل به قبل نزول ما في سورة براءة من تفصيل الزكوات ، فلما نزلت براءة قصروا عليها . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : { إِنْ تُبْدُوا الصّدَقَاتِ فَنِعِمّا هِيَ } إلى قوله : { وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِم وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ } فكان هذا يعمل به قبل أن تنزل براءة ، فلما نزلت براءة بفرائض الصدقات وتفصيلها انتهت الصدقات إليها .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُم بِٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ سِرّٗا وَعَلَانِيَةٗ فَلَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ وَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (274)

{ الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية } أي يعمون الأوقات والأحوال بالخير . نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه ، تصدق بأربعين ألف دينار عشرة بالليل وعشرة بالنهار ، وعشرة بالسر وعشرة بالعلانية . وقيل في أمير المؤمنين علي رضي الله تعالى عنه : لم يملك إلا أربعة دراهم فتصدق بدرهم ليلا ودرهم نهارا ، ودرهم سرا ودرهم علانية . وقيل : في ربط الخيل في سبيل الله والإنفاق عليها . { فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون } خبر الذين ينفقون ، والفاء للسببية . وقيل للعطف والخبر محذوف أي ومنهم الذين ولذلك جوز الوقف على وعلانية .