السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُم بِٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ سِرّٗا وَعَلَانِيَةٗ فَلَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ وَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (274)

{ الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار وسراً وعلانية } أي : يعمّون الأوقات والأحوال بالصدقة لحرصهم على الخير . نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه : تصدّق بأربعين ألف دينار ، عشرة بالليل ، وعشرة بالنهار ، وعشرة بالسر ، وعشرة بالعلانية . وفي علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه : كانت عنده أربعة دراهم لا يملك غيرها ، فتصدّق بدرهم ليلاً وبدرهم نهاراً وبدرهم سراً وبدرهم علانية . وقال الأوزاعي : نزلت في الذين يربطون الخيل للجهاد فإنها تعلف ليلاً ونهاراً سراً وعلانية .

روي أنه صلى الله عليه وسلم قال : ( من احتبس فرساً في سبيل الله إيماناً بالله وتصديقاً بوعده فإن شبعه وريه وروثه وبوله في ميزانه يوم القيامة ) وقوله تعالى : { فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون } خبر الذين ينفقون والفاء للسببية .

فإن قيل : أيّ فرق بين قوله هنا { فلهم أجرهم } ( البقرة ، 274 ) وفيما مرّ { لهم أجرهم } ( البقرة ، 262 ) ؟ أجيب : بأنّ الموصول ثم لم يضمن معنى الشرط وضمنه هنا .