ولما حض{[13143]} على النفقة فأكثر وضرب فيها الأمثال وأطنب في المقال ولم يعين لها وقتاً كان كأن سائلاً قال : في أي وقت تفعل ؟ فبين في آية جامعة لأصناف{[13144]} الأموال والأزمان والأحوال أنها حسنة في كل وقت وعلى كل حال فقال : { الذين ينفقون أموالهم } أي في الوجوه الصالحة التي تقدم التنبيه عليها وقدم من المتقابلين ما كان أقرب إلى {[13145]}الإخلاص اهتماماً{[13146]} به دلالة على فضله فقال : { بالليل }{[13147]} إن اقتضى ذلك الحال { والنهار } إن دعتهم إلى ذلك خطة{[13148]} رشد { سراً وعلانية } كذلك .
ولما كان الانتهاء عن المن والأذى في بعض الأحوال أشد ما يكون على النفس لما يرى من المنفق عليه من الغض{[13149]} ونحو ذلك فلا يكاد يسلم منه أحد{[13150]} .
ابتدأ الجزاء في آيته من غير ربط بالفاء إشارة إلى العفو عما يغلب{[13151]} النفس منه تنزيلاً له منزلة العدم ، وإيماء إلى تعظيمه بكونه ابتداء عطية من الملك ، ترغيباً في الكف عنه ، لأنه منظور إليه في الجملة ، وربط الجزاء في هذه إعلاماً بأنه مسبب عن هذه الأحوال ، لأن الأفعال أيسر من التروك{[13152]} فحصوله متوقف على حصولها ، حثاً على الإتيان بها كلها للسهولة في ذلك ، لأن من سمح بالإنفاق لله سبحانه وتعالى استوت عنده {[13153]}فيه الأوقات{[13154]} فقال : { فلهم أجرهم } وسببيته كونه علامة لحصول الأجر ، لا أنه سبب حقيقي ، إنما السبب الحقيقي رحمة الله بالتوفيق للعمل والاعتداد به ، وأعلم{[13155]} بأنه محفوظ مضاعف مربي لا يضيع أصلاً بقوله : { عند ربهم } أي{[13156]} فهو يربي نفقاتهم ويزكيها كما رباهم ، ثم ختم آي النفقات بما بدأها به من الأمن والسرور فقال : { ولا خوف عليهم } كما فرحوا بها عن غيرهم { ولا هم يحزنون * } لأنه لا ثواب أعظم من ذلك ، إذ لا عيشة لحزين ولا خائف ؛ ولشدة مشاق{[13157]} الإنفاق على الأنفس لا سيما في أول الإسلام لما كانوا فيه من الضيق أكد تعالى فيه هذا التأكيد بجملته وبينه هذا البيان الواضح حتى لم يبق{[13158]} فيه خفية وجه إلا أظهرها وحذر منها وقررها - أشار إلى ذلك الأستاذ أبو الحسن الحرالي فقال : فأفضلهم المنفق ليلاً سراً . وأنزلهم المنفق نهاراً علانية{[13159]} ؛ فهم بذلك أربعة أصناف - انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.