التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمَن يَهۡدِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِن مُّضِلٍّۗ أَلَيۡسَ ٱللَّهُ بِعَزِيزٖ ذِي ٱنتِقَامٖ} (37)

{ وَمَن يَهْدِ الله } أى : ومن يهده الله - تعالى - إلى طريق الحق والصواب .

{ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ } أى : فما له من أحد كائنا من كان يستطيع إضلاله .

{ أَلَيْسَ الله بِعَزِيزٍ ذِي انتقام } بلى إنه - سبحانه - لعزيز لا يغلبه غالب ، ولا يمانعه مانع ، ولا ينازعه منازع . ولذو انتقام شديد من أعدائه ، ولا يستطيع أحد أن يمنع انتقامه منهم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَمَن يَهۡدِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِن مُّضِلٍّۗ أَلَيۡسَ ٱللَّهُ بِعَزِيزٖ ذِي ٱنتِقَامٖ} (37)

و أما جملة { ومَن يَهْدِ الله فما لهُ مِن مُضلٍ } فقد اقتضاها أن الكلام الذي اعترضت بعده الجملتان اقتضى فريقين : فريقاً متمسكاً بالله القادر على النفع والضر وهو النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون ، وآخرَ مستمسكاً بالأصنام العاجزة عن الأمرين ، فلما بُيّن أن ضلال الفريق الثاني ضلال مكين ببيان أن هدى الفريق الآخر راسخ متين فلا مطمع للفريق الضال بأن يجرّوا المهتدين إلى ضلالهم .

{ أَلَيْسَ الله بِعَزِيزٍ ذِى انتقام } .

تعليل لإِنكار انتفاء كفاية الله عن ذلك كإنكار أن الله عزيز ذو انتقام ، فلذلك فصلت الجملة عن التي قبلها .

والاستفهام تقريري لأن العلم بعزة الله متقرر في النفوس لاعتراف الكل بإلهيته والإلهية تقتضي العزة ، ولأن العلم بأنه منتقم متقرر من مشاهدة آثار أخذه لبعض الأمم مثل عاد وثمود . فإذا كانوا يقرّون لله بالوصفين المذكورين فما عليهم إلا أن يعلموا أنّه كافٍ عبده بعزته فلا يقدر أحد على إصابة عبده بسوء ، وبانتقامه من الذين يبْتغون لعبده الأذى .

والعزيز : صفة مشبهة مشتقة من العزّ ، وهو منَعَة الجانب وأن لا يناله المتسلط وهو ضد الذل ، وتقدم عند قوله تعالى : { فاعلموا أن اللَّه عزيز حكيم } في سورة [ البقرة : 209 ] .

والانتقام : المكافأة على الشر بشر ، وهو مشتق من النقْم وهو الغضب كأنه مطاوعه لأنه مسبب عن النَّقْم ، وقد تقدم عند قوله تعالى : { فانتقمنا منهم فأغرقناهم } في اليم في سورة [ الأعراف : 136 ] . وانظر قوله تعالى : { واللَّه عزيز ذو انتقام } في سورة [ العقود : 95 ] .