التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{مَا تَذَرُ مِن شَيۡءٍ أَتَتۡ عَلَيۡهِ إِلَّا جَعَلَتۡهُ كَٱلرَّمِيمِ} (42)

ثم وصف - سبحانه - هذه الريح التى توهموا أنها تحمل لهم الخير ، بينما هى تحمل لهم الهلاك ، وصفها بقوله : { مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ } أى : ما تترك من شىء مرت عليه .

{ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كالرميم } أى : إلا جعلته كالشىء الميت الذى رم وتحول إلى فتات مأخوذ من رم الشىء إذا تفتت وتهشم . ويقال للنبات إذا يبس وتفتت : رميم وهشيم .

كما يقال للعظم إذا تكسر وبَلِىَ : رميم . ومنه قوله - تعالى - : { قَالَ مَن يُحيِي العظام وَهِيَ رَمِيمٌ }

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{مَا تَذَرُ مِن شَيۡءٍ أَتَتۡ عَلَيۡهِ إِلَّا جَعَلَتۡهُ كَٱلرَّمِيمِ} (42)

و : { تذر } معناه : تدع . وقوله تعالى : { من شيء أتت عليه } يعني مما أذن لها في إهلاكه . و : { الرميم } الفاني المتقطع يبساً أو قدماً من الأشجار والورق والحبال والعظام ، ومنه قوله تعالى { من يحيي العظام وهي رميم }{[10614]} [ يس : 78 ] أي في قوام الرمال وروي أن تلك الريح كانت تهب على الناس فيهم العادي وغيره ، فتنتزع العادي من بين الناس وتذهب به{[10615]} .


[10614]:من الآية(78) من سورة (يسن).
[10615]:أخرج ابن عساكر عن وهب قال: لما أرسل الله الريح على عاد اعتزل هود ومن معه من المؤمنين في حظيرة، ما يصيبهم من الريح إلا ما تلين عليه الجلود وتلذه الأنفس، وإنها لتمر بالعادي فتحمله بين السماء والأرض وتدمغه بالحجارة-ذكر ذلك الإمام السيوطي في (الدر المنثور)، والعادي: نسبة إلى عاد.
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{مَا تَذَرُ مِن شَيۡءٍ أَتَتۡ عَلَيۡهِ إِلَّا جَعَلَتۡهُ كَٱلرَّمِيمِ} (42)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

يقول الله تعالى: {ما تذر} تلك الريح {من شيء أتت عليه} من أنفسهم وأنعامهم وأموالهم {إلا جعلته كالرميم} يقول: إلا جعلته باليا كالتراب بعد ما كانوا مثل نخل منقعر صاروا رميما...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أتَتْ عَلَيْهِ إلاّ جَعَلَتْهُ كالرّمِيمِ" والرميم في كلام العرب: ما يبس من نبات الأرض وديس...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{ما تذر من شيء أتت عليه} وأُمرت هي بإهلاكه، وأُذن لها بذلك {إلا جعلته كالرّميم}. ألا ترى أنها أتت على أشياء، لم تُهلكها...

الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :

{مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ} كالنبت الذي قد يبس وديس...

كالشيء الهالك...

كالبالي...

. كالتبن اليابس...

كرميم الشجر...

كالتراب المدقوق...

.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

"ما تذر من شيء أتت عليه " أي لم تترك هذه الريح شيئا تمر عليه " إلا جعلته كالرميم " وهو السحيق الذي انتفى رمه بانتفاء ملاءمة بعضه لبعض...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

الرميم: كل ما رم أي بلى وتفتت من عظم أو نبات أو غير ذلك.

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

{مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ} أي: كالرميم البالية، فالذي أهلكهم على قوتهم وبطشهم، دليل على [كمال] قوته واقتداره، الذي لا يعجزه شيء، المنتقم ممن عصاه

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وصيغ {تذر}: بصيغة المضارع لاستحضار الحالة العجيبة. و {شيء} في معنى المفعول ل {تذر} فإن (مِن) لتأكيد النفي والنكرة المجرورة ب (من) هذه نص في نفي الجنس ولذلك كانت عامة، إلا أن هذا العموم مخصص بدليل العقل لأن الريح إنما تُبلي الأشياء التي تمر عليها إذا كان شأنها أن يتطرق إليها البِلى، فإن الريح لا تُبلي الجبال ولا البحار ولا الأودية وهي تمر عليها وإنما تُبلي الديار والأشجار والناس والبهائم... والمعنى: وفي عاد آية للذين يخافون العذاب الأليم إذ أرسل الله عليهم الريح. والمراد: أن الآية كائنة في أسباب إرسال الريح عليهم وهي أسباب تكذيبهم هوداً وإشراكهم بالله وقالوا: {من أشد منا قوة} [فصلت: 15]، فيحذر من مثل ما حلّ بهم أهل الإِيمان. وأما الذين لا يخافون العذاب الأليم من أهل الشرك فهم مصرّون على كفرهم كما أصرت عاد فيوشك أن يحلّ بهم من جنس ما حلّ بعاد.