التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطٗاۚ قَالُواْ نَحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَن فِيهَاۖ لَنُنَجِّيَنَّهُۥ وَأَهۡلَهُۥٓ إِلَّا ٱمۡرَأَتَهُۥ كَانَتۡ مِنَ ٱلۡغَٰبِرِينَ} (32)

وهنا قال لهم إبراهيم - عليه السلام - بخشيته وشفقته : { إِنَّ فِيهَا لُوطاً } أى : إن فى هذه القرية التى جئتم لإِهلاكها لوطا ، وهو نبى من أنبياء الله الصالحين فكيف تهلكونها وهو معهم فيها ؟ وهنا رد عليه الملائكة بما يزيل خشية فقالوا : { نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا } من الأخيار ومن الأشرار ، ومن المؤمنين ومن الكافرين .

{ لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امرأته كَانَتْ مِنَ الغابرين } أى : اضمئن يا إبراهيم فإن الله - تعالى - قد أمرنا أن ننجى لوطا وأن ننجى معه من الهلاك أهله المؤمنين ، إلا امرأته فستبقى مع المهلكين ، لأنها منهم ، بسبب خيانتها للوط - عليه السلام - حيث كانت تقر جرائم قومها ، ولا تعمل على إزالتها وإنكارها ، كما هو شأن الزوجات الصالحات .

والغابر : الباقى . يقال : غبر الشئ يغبر غبورا ، أى : بقى ، وقد يستعمل فيما مضى - أيضا - فيكون من الأضداد . ومنه قولهم : هذا الشئ حدث فى الزمن الغابر . أى : الماضى .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطٗاۚ قَالُواْ نَحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَن فِيهَاۖ لَنُنَجِّيَنَّهُۥ وَأَهۡلَهُۥٓ إِلَّا ٱمۡرَأَتَهُۥ كَانَتۡ مِنَ ٱلۡغَٰبِرِينَ} (32)

روي عن ابن عباس أن إبراهيم عليه السلام لما علم من قبل الملائكة أن قرية لوط تعذب أشفق على المؤمنين فجادل الملائكة وقال لهم : أرأيتم إن كان فيهم مائة بيت من المؤمنين أتتركونهم ، قالوا ليس فيهم ذلك ، فجعل ينحدر حتى انتهى إلى عشرة أبيات ، فقال له الملائكة ليس فيهم عشرة ولا خمسة ولا ثلاثة ولا اثنان ، فحينئذ قال إبراهيم { إن فيها لوطاً } فراجعوه حينئذ بأنا { نحن أعلم بمن فيها } أي لا تخف أن يقع حيف على مؤمن ، وقرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر «لننَجّينّه » بفتح النون الوسطى وشد الجيم و «منَجّوك » بفتح النون وشد الجيم{[9247]} .

وقرأ حمزة والكسائي «لننْجينه » بسكون النون وتخفيف الجيم ، «ومنْجوك » ، بسكون النون وتخفيف الجيم ، وقرأ ابن كثير وعاصم في رواية أبي بكر «لننجّيه » بالتشديد و «ومنجوك » بالتخفيف ، وقرأت فرقة «لننجينْه » بسكون النون الأخيرة من الكلمة وهذا إنما يجيء على أنه خفف النون المشددة وهو يريدها ، وامرأة لوط هذه كانت كافرة تعين عليه وتنبه على أضيافه ، و «الغابر » الباقي ومعناه { من الغابرين } في العذاب ، وقالت فرقة { من الغابرين } أي ممن عمر وبقي من الناس وعسا في كفره{[9248]} .


[9247]:وهي قراءة عاصم في رواية حفص عنه.
[9248]:يقال: عسى في كفره: كبر فيه وأسن. والمصدر: عَسوا وعُسُوا وعساء وعسيا. (المعجم الوسيط).