التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{رَبَّنَا وَأَدۡخِلۡهُمۡ جَنَّـٰتِ عَدۡنٍ ٱلَّتِي وَعَدتَّهُمۡ وَمَن صَلَحَ مِنۡ ءَابَآئِهِمۡ وَأَزۡوَٰجِهِمۡ وَذُرِّيَّـٰتِهِمۡۚ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (8)

{ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْن } أى : وادخلهم جناتك دخولا دائما لا انقطاع معه . يقال : عدَن فلان بالمكان يعِدنُ عَدْناً ، إذا لزمه وأقام فيه دون أن يبرحه ، ومنه سمى الشئ المخزون فى باطن الأرض بالمعدن ، لأنه مستقر بداخلها .

{ التي وَعَدْتَّهُمْ } فضلا منك وكرما .

وأدخل معهم { وَمَن صَلَحَ } لدخولها بسبب إيمانهم وعملهم الطيب { مِنْ آبَآئِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ } يا مولانا { العزيز } أى : الغالب لكل شئ { الحكيم } فى كل تصرفاتك وأفعالك .

فالمراد بالصلاح فى قوله - تعالى - : { وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَآئِهِمْ } : من كان منهم مؤمنا بالله ، وعمل عملا صالحا ، ودعو لهم بذلك . ليتم سرورهم وفرحهم إذ وجود الآباء والأزواج والذرية مع الإِنسان فى الجنة ، يزيد سروره وانشراحه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{رَبَّنَا وَأَدۡخِلۡهُمۡ جَنَّـٰتِ عَدۡنٍ ٱلَّتِي وَعَدتَّهُمۡ وَمَن صَلَحَ مِنۡ ءَابَآئِهِمۡ وَأَزۡوَٰجِهِمۡ وَذُرِّيَّـٰتِهِمۡۚ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (8)

{ ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم } وعدتهم إياها . { ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم } عطف على هم الأول أي أدخلهم ومعهم هؤلاء ليتم سرورهم ، أو الثاني لبيان عموم الوعد ، وقرئ " جنة عدن " و " صلح " بالضم و " ذريتهم " بالتوحيد . { إنك أنت العزيز } الذي لا يمتنع عليه مقدور . { الحكيم } الذي لا يفعل إلا ما تقتضيه حكمته ومن ذلك الوفاء بالوعد .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{رَبَّنَا وَأَدۡخِلۡهُمۡ جَنَّـٰتِ عَدۡنٍ ٱلَّتِي وَعَدتَّهُمۡ وَمَن صَلَحَ مِنۡ ءَابَآئِهِمۡ وَأَزۡوَٰجِهِمۡ وَذُرِّيَّـٰتِهِمۡۚ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (8)

إعادة النداء في خلال جمل الدعاء اعتراض للتأكيد بزيادة التضرع ، وهذا ارتقاء من طلب وقايتهم العذاب إلى طلب إدخالهم مكان النعيم .

والعَدْن : الإِقامة ، أي الخلود . والدعاء لهم بذلك مع تحققهم أنهم موعودون به تأدُب مع الله تعالى لأنه لا يُسأل عما يفعل ، كما تقدم في سورة [ آل عمران : 194 ] قوله : { ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك } .

ويجوز أن يكون المراد بقولهم : { وأدخلهم } عَجِّل لهم بالدخول . ويجوز أن يكون ذلك تمهيداً لقولهم : { وَمَن صَلَح من آبائهم وأزواجهم وذريتهم } فإن أولئك لم يكونوا موعودين به صريحاً . و { من صلح } عطف على الضمير المنصوب في { أدخلهم } .

والمعنى دعاء بأن يجعلهم الله معهم في مساكن متقاربة ، كما تقدم في قوله تعالى : { هم وأزواجهم في ظلال } في سورة [ يس : 56 ] ، وقوله : { ألحقنا بهم ذرياتهم } في سورة [ الطور : 21 ] .

ورُتبت القرابات في هذه الآية على ترتيبها الطبيعي فإن الآباء أسبق علاقة بالأبناء ثم الأزواجُ ثم الذريات .

وجملة { إنَّك أنت العَزِيز الحَكِيم } اعتراض بين الدعوات استقصاء للرغبة في الإِجابة بداعي محبة الملائكة لأهل الصلاح لما بين نفوسهم والنفوس الملكية من التناسب . واقتران هذه الجملة بحرف التأكيد للاهتمام بها . و ( إنَّ ) في مثل هذا المقام تُغني غَناء فاء السببية ، أي فعزتُك وحكمتك هما اللتان جَرَّأَتَانَا على سؤال ذلك من جلالك ، فالعزة تقتضي الاستغناء عن الانتفاع بالأشياء النفيسة فلما وَعد الصالحين الجنة لم يكن لله ما يضنه بذلك فلا يصدر منه مطل ، والحكمةُ تقتضي معاملة المحسن بالإِحسان .