التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قُلۡ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدۡ جَآءَكُمُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكُمۡۖ فَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهۡتَدِي لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيۡهَاۖ وَمَآ أَنَا۠ عَلَيۡكُم بِوَكِيلٖ} (108)

ثم ختم - سبحانه - السورة الكريمة بنداء آخر - أمر رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يوجهه للناس فقال : { قُلْ يا أيها الناس قَدْ جَآءَكُمُ الحق مِن رَّبِّكُمْ . . .

أى : قل - يا أيها الرسول الكريم - مخاطبا جميع الناس ، سواء منهم من سمع نداءك أو من سيبلغه هذا النداء من بعدك قل لهم جميعا : { قَدْ جَآءَكُمُ الحق } المتمثل في كتاب الله وفى سنتى { مِن رَّبِّكُمْ } وليس من أحد سواه .

{ فَمَنُ اهتدى } إلى هذا الحق ، وعمل بمقتضاه { فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ } أى : فإنما تكون منفعة هدايته لنفسه لا لغيره .

{ وَمَن ضَلَّ } عن هذا الحق وأعرض عنه { فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا } أى : فإنما يكون وبال ضلاله على نفسه .

{ وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ } أى بحفيظ يحفظ أموركم ، وإنما أنا بشير ونذير والله وحده هو الذي يتولى محاسبتكم على أعمالكم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قُلۡ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدۡ جَآءَكُمُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكُمۡۖ فَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهۡتَدِي لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيۡهَاۖ وَمَآ أَنَا۠ عَلَيۡكُم بِوَكِيلٖ} (108)

{ قل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم } رسوله أو القرآن ولم يبق لكم عذر . { فمن اهتدى } بالأيمان والمتابعة . { فإنما يهتدي لنفسه } لأن نفعه لها . { ومن ضلّ } بالكفر بهما . { فإنما يضل عليها } لأن وبال الضلال عليها . { وما أنا عليكم بوكيل } بحفيظ موكول إلى أمركم ، وإنما أنا بشير ونذير .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قُلۡ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدۡ جَآءَكُمُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكُمۡۖ فَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهۡتَدِي لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيۡهَاۖ وَمَآ أَنَا۠ عَلَيۡكُم بِوَكِيلٖ} (108)

هذه مخاطبة لجميع الكفار مستمرة مدى الدهر ، { الحق } هو القرآن والشرع الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم{[6240]} ، { فمن اهتدى } ، أي اتبع الحق وتدين به فإنما يسعى لنفسه لأنه يوجب لها رحمة الله ، ويدفع عذابه ، { ومن ضل } أي حاد عن طريق الحق ولم ينظر بعين الحقيقة وكفر بالله عز وجل فيضل ذلك ، وقوله { وما أنا عليكم بوكيل } ، أي لست بآخذكم ولا بد بالإيمان وإنما أنا مبلغ ، وهذه الآية منسوخة بالقتال{[6241]} .


[6240]:- وقيل: الحق هو الرسول صلى الله عليه وسلم.
[6241]:- وذهب بعض العلماء إلى أن الآية محكمة غير منسوخة، وكذلك الآية التي بعدها، وحملوا قوله تعالى: {وما أنا عليكم بوكيل} على أنه ليس بحفيظ على أعمالهم ليجازيهم عليها، بل ذلك لله، وكذلك حملوا قوله: {واصبر} على الصبر على طاعة الله وحمل أثقال النبوة وأداء الرسالة، وعلى هذا لا تعارض بين الآيتين وبين آية السيف. قال أبو حيان في البحر: "وإلى هذا مال المحققون".