ثم بين - سبحانه - أن هؤلاء المشركين هم أشد الناس ظلما للحق ، وأنه - سبحانه - سيظهره لا محالة ، رضوا بذلك أم كرهوا وأن هذا الدين سيظهره الله - تعالى - على بقية الأديان ، مهما كره الكافرون . فقال - تعالى - : { وَمَنْ أَظْلَمُ . . . } .
الاستفهام فى قوله : { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افترى عَلَى الله الكذب } للإنكار والنفى . والافتراء : اختلاق الكذب واختراعه من جهة الشخص دون أن يكون له أساس من الصحة ، وقوله : { وَهُوَ يدعى إِلَى الإسلام } جملة حالية .
أى : ولا أحد أشد ظلما من إنسان يختلق الكذب من عند نفسه على دين الله - تعالى - وشريعته ، والحال أن هذا الإنسان يدعوه الداعى إلى الدخول فى دين الإسلام الذى لا يرتضى الله - تعالى - سواه دينا .
{ والله } - تعالى - { لاَ يَهْدِي القوم الظالمين } إلى ما فيه فلاحهم ، لسوء استعدادهم ، وإيثارهم الباطل على الحق .
{ ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام } أي لا أحد أظلم ممن يدعي إلى الإسلام الظاهر حقيته المقتضي له خبر الدارين فيضع موضع إجابته الافتراء على الله بتكذيب رسوله وتسمية آياته سحرا فإنه يعم إثبات المنفي ونفي الثابت ، وقرئ يدعي يقال دعاه وادعاه كلمسه والتمسه ، { والله لا يهدي القوم الظالمين } لا يرشدهم إلى ما فيه فلاحهم .
وقرأ الجمهور : «يُدعى » على بناء الفعل للمفعول ، وقرأ طلحة بن مصرف «يدعي » بمعنى ينتمي وينتسب ومن ذلك قول الشاعر [ ساعدة بن عجلان الهذلي ] : [ الكامل ]
فرميت فوق ملاءة محبوكة . . . وأبنت للأشهاد حزة أدعي{[11077]}
والمعنى على هذه القراءة إنما هو إشارة إلى الأنبياء عليهم السلام لما حكي عن الكفار أنهم قالوا : «هذا ساحر » ، بين بعد ذلك أن العقل لا يقبله ، أي وهل أظلم من هذا الذي يزعم أنه نبي ويدعي إلى الإسلام وهو مع ذلك مفتر على ربه وهذا دليل واضح لأن مسالك أهل الافتراء والمخرقة{[11078]} إنما هي دون هذا وفي أمور خسيسة ، وضبط النقاش هذه القراءة «يُدَّعى » بضم الياء وفتح الدال المشددة على ما لم يسم فاعله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.