والفاء فى قوله - تعالى - : { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ . . } لتفصيل ما يترتب على العرض والحساب من جزاء .
والمراد بكتابة : ما سجلته الملائكة عليه من أعمال فى الدنيا ، والمراد بيمينه : يده اليمنى ، لأن من يعطى كتابه بيده اليمنى ، يكون هذا الإعطاء دليلا على فوزه ونجاته من العذاب .
والعرب يذكرون التناول باليمين ، على أنه كناية عن الاهتمام بالشئ المأخوذ ، وعن الاعتزاز به ، ومنه قول الشاعر :
إذا ما راية رفعت لمجد . . . تلقاها عرابة باليمين
وجملة { فَيَقُولُ هَآؤُمُ اقرؤا كِتَابيَهْ } جواب " أما " - ولفظ " هاؤم " هنا :
اسم فعل أمر . بمعنى : خذوا ، والهاء فى قوله " كتابية وحسابيهْ " وما ماثلهما للسكت ، والأصل كتابى وحسابى فأدخلت عليهما هاء السكت لكى تظهر فتحة الياء .
والمعنى فى هذا اليوم يعرض كل إنسان للحساب والجزاء ، ويؤتى كل فرد كتاب أعماله ، فأما من أعطى كتاب أعماله بيمينه ، على سبيل التبشير والتكريم ، { فَيَقُولُ } على سبيل البهجة والسرور لكل من يهمه أن يقول له : { هَآؤُمُ اقرؤا كِتَابيَهْ } أى : هذا هو كتابى فخذوه واقرءوه فإنكم ستجدونه مشتملا على الإِكرام لى ، وتبشيرى بالفوز الذى هو نهاية آمالى ، ومحط رجائى .
فأما من أوتي كتابه بيمينه تفصيل للعرض فيقول تبجحا هاؤم اقرءوا كتابيه هاء اسم لخذ وفيه لغات أجودها هاء يا رجل وهاء يا امرأة وهاؤما يا رجلان أو امرأتان وهاؤم يا رجال وهاؤن يا نسوة ومفعوله محذوف و كتابيه مفعول اقرؤوا لأنه أقرب العاملين ولأنه لو كان مفعول هاؤم لقيل اقرؤوه إذ الأولى اضماره حيث أمكن والهاء فيه وفي حسابيه و ماليه و سلطانيه للسكت تثبت في الوقف وتسقط في الوصل واستحب الوقف لثباتها في الإمام ولذلك قرئ بإثباتها في الوصل .
والذين يعطون كتبهم بأيمانهم هم المخلدون في الجنة أهل الإيمان . واختلف العلماء في الفرقة التي ينفذ فيها الوعيد من أهل المعاصي متى تأخذ كتبها ، فقال بعضهم الأظهر أنها تأخذها مع الناس ، وذلك يؤنسها مدة العذاب ، قال الحسن : فإذا أعطى كتابه بيمينه لم يقرأه حتى يأذن الله تعالى له ، فإذا أذن له قال : { هاؤم اقرؤوا كتابيه } ، وقال آخرون : الأظهر أنه إذا أخرجوا من النار والإيمان يؤنسهم وقت العذاب .
قال القاضي أبو محمد : وهذا ظاهر هذه الآية ، لأن من يسير إلى النار فكيف يقول { هاؤم اقرؤوا كتابيه } ؟ وأما قوله { هاؤم } ، فقال قوم : أصله هاوموا ، ثم نقله التخفيف والاستعمال ، وقرأ آخرون هذه الميم ضمير الجماعة ، وفي هذا كله نظر . والمعنى على كل تعالوا ، فهو استدعاء إلى الفعل المأمور به ، وقوله تعالى : { اقرؤوا كتابيه } هو استبشار وسرور .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.