التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالَ لَئِنِ ٱتَّخَذۡتَ إِلَٰهًا غَيۡرِي لَأَجۡعَلَنَّكَ مِنَ ٱلۡمَسۡجُونِينَ} (29)

ولكن فرعون - وقد شعر بأن حجة موسى قد ألقمته حجرا انتقل من أسلوب المحاورة فى شأن رسالة موسى إلى التهديد والوعيد - شأن الطغاة عندما يعجزون عن دفع الحجة بالحجة - فقال لموسى عليه السلام - : { لَئِنِ اتخذت إلها غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ المسجونين } .

أى : قال فرعون لموسى بثورة وغضب : لئن اتخذت إلها غيرى يا موسى ليكون معبودا لك من دونى ، لأجعلنك واحدا من جملة المسجونين فى سجنى فهذا شأنى مع كل من يتمرد على عبادتى ، ويخالف أمرى .

قال صاحب الكشاف : فإن قلت : ألم يكن لأسجننك أخصر من { لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ المسجونين } ومؤديا مؤداه ؟

قلت : أما كونه أخصر فنعم . وأما كونه مؤديا مؤداه فلا ، لأن معناه : " لأجعلنك واحدا ممن عرفت حالهم فى سجونى وكان من عادته أن يأخذ من يريد سجنه فيطرحه فى هوة ذاهبة فى الأرض ، بعيدة العمق . لا يبصر فيها ولا يسمع فكان ذلك أشد من القتل " .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالَ لَئِنِ ٱتَّخَذۡتَ إِلَٰهًا غَيۡرِي لَأَجۡعَلَنَّكَ مِنَ ٱلۡمَسۡجُونِينَ} (29)

{ قال لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين } عدولا إلى التهديد عن المحاجة بعد الانقطاع وهكذا ديدن المعاند المحجوج ، واستدل به على ادعائه الألوهية وإنكاره الصانع وأنت عجبه بقوله { ألا تستمعون } من نسبة الربوبية إلى غيره ، ولعله كان دهريا اعتقد أن من ملك قطرا أو تولى أمره بقوة طالعه استحق العبادة من أهله ، واللام في { المسجونين } للعهد أي ممن عرفت حالهم في سجوني فإنه كان يطرحهم في هوة عميقة حتى يموتوا ولذلك جعل أبلغ من لأسجننك .