التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَمَّن يَهۡدِيكُمۡ فِي ظُلُمَٰتِ ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ وَمَن يُرۡسِلُ ٱلرِّيَٰحَ بُشۡرَۢا بَيۡنَ يَدَيۡ رَحۡمَتِهِۦٓۗ أَءِلَٰهٞ مَّعَ ٱللَّهِۚ تَعَٰلَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (63)

ثم انتقلت السورة الكريمة - للمرة الرابعة - إلى لفت أنظارهم إلى نعمه - سبحانه - عليهم فى أسفارهم فقال - تعالى - : { أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ البر والبحر } .

أى : وقولوا لنا - أيها المشركون- : من الذى يرشدكم فى أسفاركم إلى المكان الذى تريدون الذهاب إليه ، عندما تلتبس عليكم الطرق ، وأنتم بين ظلمات البحر وأمواجه ، أو وأنتم فى متاهات الأرض وفجاجها .

وقولوا لنا : { وَمَن يُرْسِلُ الرياح بُشْرَاً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ } أى : ومن الذى يرسل لكم الرياح لتكون مبشرات بقرب نزول المطر ، الذى هو رحمة من الله - تعالى - لكم ، بعد أن أصابكم اليأس والقنوط ؟

{ أإله مَّعَ الله } هو الذى فعل ذلك ، كلا ، فما فعل ذلك أحد سواه .

وقوله - سبحانه - : { تَعَالَى الله عَمَّا يُشْرِكُونَ } تأكيد لوحدانيته وقدرته وتنزيه له - تعالى - عن الشرك والشركاء .

أى : تنزه الله وتقدس عن شرك هؤلاء المشركين ، فهو الواحد الأحد فى ذاته ، وفى صفاته ، وفى أفعاله .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَمَّن يَهۡدِيكُمۡ فِي ظُلُمَٰتِ ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ وَمَن يُرۡسِلُ ٱلرِّيَٰحَ بُشۡرَۢا بَيۡنَ يَدَيۡ رَحۡمَتِهِۦٓۗ أَءِلَٰهٞ مَّعَ ٱللَّهِۚ تَعَٰلَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (63)

يقول : { أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ } أي : بما خلق من الدلائل السماوية والأرضية ، كما قال : { وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ } [ النحل : 16 ] ، وقال تعالى : { وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ } الآية [ الأنعام : 97 ] .

{ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ } أي : بين يدي السحاب الذي فيه مطر ، يغيث به عباده المجدبين الأزلين القنطين ، { أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَمَّن يَهۡدِيكُمۡ فِي ظُلُمَٰتِ ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ وَمَن يُرۡسِلُ ٱلرِّيَٰحَ بُشۡرَۢا بَيۡنَ يَدَيۡ رَحۡمَتِهِۦٓۗ أَءِلَٰهٞ مَّعَ ٱللَّهِۚ تَعَٰلَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (63)

و «الظلمات » عام لظلمة الليل التي هي الحقيقة في اللغة ولظلمة الجهل والضلال والخوف التي هي مجازات وتشبيهات وهذا كقول الشاعر :

«تجلت عمايات الرجال عن الصبا »{[9050]} . . . وكما تقول أظلم الأمر وأنار ، وقد تقدم اختلاف القراء في قوله { نشراً } ، وقرأ الحسن وغيره ، «يشركون » بالياء على الغيبة ، وقرأ الجمهور «تشركون » على المخاطبة .


[9050]:الموجود في الأصول: (تجلت عمايات الرجال) فقط، وأكملنا عن (اللسان- عمي)، قال: "والعماية: الجهالة بالشيء، ومنه قوله: *تجلت عمايات الرجال عن الصبا – وعماية الجاهلية: جهالتها"، والمعنى: ذهبت جهالات الصبا وزالت. والشاهد أن الظلمات تطلق مجازا على جهالات الصبا.